“إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا” “الكهف 30”.
أعتقد أن الإنسان السوي هو من يحاول قدر ما يستطيع الإحسان في عمله الوظيفي, يتقنه و يخلص في الإيفاء بواجبات عمله ومسؤولياته المختلفة. ولكن يحصل أحياناً وخصوصاً في بعض المجتمعات التي لم تتكرس فيها بعد ثقافة الانتاجية والتفكير العملي والحياة النظامية أن يحدث العكس, فلا يكافأ المخلص في عمله والمتقن له بما يستحق من جزاء حسن, بل يجد هذا النوع من العملات البشرية النادرة من يُحبطهم ويتصيد أخطاءهم ويتناحس معهم, بل يحاول تعطيل مسيرة حاضرهم ومستقبلهم المهني, وسواء تمثل هذا التحبيط المتعمد في قيام أشخاص معينين بلاتضييق على من يحسن عمله, أو تمثل التحبيط المتعمد للموظف المخلص في أن جهوده أصبحت هباء منثوراً نظراً لغياب ثقافة الإنتاجية المجزية في مجتمعه, يصل هذا النوع من الأفراد المُحبطين إلى الشعور بالقهر والظلم بسبب أنهم حاولوا أن يوفوا بتعهداتهم الاجتماعية ويؤدوا كامل واجباتهم ومسؤولياتهم الوظيفية.
ما يفسر قيام البعض بالتصيد على المخلص في عمله الوظيفي ومحاولتهم تحبيط جهوده وإظهاره بشكل ينافي الواقع والحقيقة هو غيرتهم الشديدة من المخلص في عمله. فمن يتقن عمله ويتفانى في الإيفاء بمتطلبات وبمسؤوليات الوظيفة يحقق نجاحاً إنسانياً يندر وجوده في المجتمع الذي لم تتكرس فيه ثقافة العمل والانتاجية. ولأن المخلص في عمله أصبح إنساناً كفؤاً بسبب اعتماده على قدراته ومهاراته وخبراته المكتسبة (دون مساعدة أحد) فهو يستحق جزاء الإحسان بالإحسان. ولكن بسبب أن بعض المتململين من العمل ينتظر فقط نهاية الشهر لقبض الراتب الذي لا يوازي جهودهم الحقيقية, فهم يشعرون بالغيظ والغيرة الشديدة تجاه من يعمل بإخلاص. وبالنسبة للكسالى باختيارهم, المخلص في عمله يذكرهم بفشلهم الشخصي والوظيفي, النوع الوحيد من “العمل” الذي يؤديه المُحبطون والحاسدون هو “تفانيهم” في حسد وإحباط المخلص في عمله.
الانسان المخلص في مواطنته وفي عمله الوظيفي وفي إدارة شؤون حياته اليومية يجب ألا يُحبط أو يتململ من إخلاصه. فالله عز وجل يكافئ المخلصين الذين يحسنون ويتقنون أعمالهم وسيكافئهم في الدنيا بسعة الرزق وراحة البال. بل ثمة سعادة خاصة تأتي مع العمل المخلص يفقدها ويتحسر عليها الاتكاليون والكسالى. فلا تبال أيها الموظف المخلص حتى لو أحبطك البعض وتناحسوا معك وحاولوا حرمانك مما تستحق من تقدير, فستضل أنت الأفضل.
*كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق