“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” “المائدة 8”.
تحدثت في مقال سابق عن “المحسوبية وأخواتها” مثل الانحياز لفرد أو لمجموعة من الأفراد دون آخرين, ونظام الغنائم وتوزيعها ومحاباة الأقارب والأصحاب في المناصب والتسهيلات المختلفة. لكنني أعتقد أيضاً أن للمحسوبية أبناء وبنات عم مشابهون لحد كبير لأخواتها ولإخوانها ولكنها جميعاً تضل “فسادا” يتم تمويهه بشكل مختلف: على سبيل المثال, الأنواع الأخرى من المحسوبية:
* العصبة التآمرية: مجموعة من الأفراد ذوي المصالح الشخصية الخاصة والذين يسعون عن طريق المكائد والتآمر ترسيخ سلوكيات وطرق تفكير معينة تعكس وجهات نظرهم.
* محاباة الأصحاب: وتشير إلى السعي لتحقيق مصالح مجموعة من الأصدقاء دون الآخرين.
* النرجسية الجماعية: إحساس متضخم بأهمية المجموعة العرقية أو الطبقية أو القبلية أو الطائفية أو الثقافية التي ينتمي إليها الفرد. وأحياناً تتجاوز النرجسية الجماعية العرق والدين والطبقة وتجمعها في قالب واحد (المصدر: ويكبيديا-بتصرف).
* المحاباة القبلية: تشير إلى تفضيل ومحاباة أبناء العرق أو القبيلة الواحدة لبعضهم البعض في مجتمع تعددي.
* الجماعة التفضيلية (الشللية): تفضيل أعضاء المجموعة بالمميزات المختلفة وإنكارها على من هم خارجها.
* الواسطة: الواسطة !
لا يمكن في أي حال من الأحوال تحقيق مكافحة فعلية لأي نوع من “الفساد” ما لم يتعرف الفرد على جوانبه المختلفة. على سبيل المثال, الفساد هو تراكم لتجارب سلبية وترتيبات متجذرة ينتج عنها علاقات تمييزية بين أفراد ينتمون لمجموعة تتشارك في نفس التوجهات الايديولوجية والسلوكية. ومن هذا المنطلق, من يرد مكافحة الفساد عليه أن يركز أولاً على خلخلة أرضياته المشتركة أي تلك المواقف والترتيبات الاجتماعية والفردية السلبية التي تسهل عمل المحسوبية وترسخها في المجتمع. فإذا تمت مكافحة المحسوبية وأخوتها وأخواتها وأبناء وبنات عمها عن طريق تطبيق القوانين بكاملها دون هوادة فستخف وطأة الفساد و المحسوبية في المجتمع. أي أنه من الصعب القضاء الكامل على المحسوبية لأنها ليست وليدة اليوم بل نتاج لسلوكيات بشرية متجذرة لن يتم استئصالها في ليلة وضحاها. ولكن عندما يبدأ يشعر عضو المجتمع أن ما يحكم علاقته بالمواطنين الآخرين وبالمجتمع ككل هو إيفائه بواجباته وبمسؤولياته الاجتماعية وأن المؤسسات الحكومية والمجتمعية بدأت فعلاً تكافح المحسوبية فستخف مظاهر الفساد تدريجياً. فلعل وعسى وربما ولو بعد حين.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق