سعود السمكة: تناقضات ما تسمى بـ «الأغلبية»!

تعجبني قدرة أحمد السعدون ونائبه خالد سلطان على التنطط من موقف إلى موقف، والقفز على المبادئ وفق ما تقتضيه المصلحة الشخصية!

أحمد السعدون وخالد سلطان كانا قد ترشحا لانتخابات مجلس الأمة عام 1981 وفازا بالعضوية، وهو مجلس انبثقت دوائره الانتخابية عبر مرسوم ضرورة.. تلك الدوائر الخمس والعشرون التي حيكت جغرافيتها بعناية فائقة من أجل إبعاد وعزل القوى الديموقراطية من الوصول إلى المجلس، وفعلاً تم للسلطة آنذاك ما أرادت وأبعدت عن ذاك المجلس كافة القوى الوطنية الديموقراطية لعدة أسباب، منها سبب أن القوى الديموقراطية لو نجحت في ذلك المجلس، فإنها سوف تطعن حقاً بذاك المرسوم الضرورة، كونه لا تنطبق عليه شروط الضرورة، وبالتالي سوف ترفضه حين التصويت عليه، ومن ثم يصبح وجود المجلس والمنعدم على حد سواء.

أحمد السعدون وخالد سلطان لم يحتجا على ذلك المرسوم ولم يرفضاه، بل على العكس أحمد السعدون ترشح للرئاسة منافساً للسيد الفاضل محمد العدساني، وتأكيداً لتعلق الرجل وعشقه لبريق المنصب حين فشل في الحصول على رئاسة المجلس، ترشح لمنصب نائب الرئيس، الأمر الذي دفع العضو الفاضل المرحوم جاسم الصقر بعد أن لاحظ اندفاع الرغبة لدى أحمد السعدون وعشقه للمنصب إلى أن يطلب من المجلس تزكيته لمنصب نائب الرئيس، وإزاء ما كان يتمتع به المرحوم جاسم الصقر من احترام وتقدير لدى جميع الأعضاء، عدل الأخ الفاضل جاسم الخرافي آنذاك عن رغبته في الترشح للمنصب نزولاً عند ذلك الطلب.

هذه واحدة، الثانية حين أراد الأخ الفاضل علي الراشد في مجلس 2006 أن يبادر بالتفكير، مجرد تفكير بصوت عال، حول إمكانية مراجعة بعض مواد الدستور، قامت عليه القيامة من أحمد السعدون ونائبه وبقية الجوقة المسماة اليوم بالمعارضة، على اعتبار أن مثل هذا التفكير يعتبر كفراً ومن المحرمات، ومن ثم رفعوا شعار «إلا الدستور»!

الآن، أحمد السعدون وبقية الجوقة التي تسمي نفسها اليوم بالأغلبية المعارضة، وهي بالمناسبة معارضة لكل شيء جميل وبناء، تحذر من أي تعديل للدوائر الانتخابية يأتي عبر مرسوم ضرورة، رغم أن مراسيم الضرورة حق أصيل لسمو أمير البلاد وفقاً لحكم المادة 71 من الدستور، ولمجلس الأمة الحق، وأيضاً بناء على حكم المادة 71 ذاتها، في أن يوافق أو يرفض أي مرسوم صدر عبر مرسوم ضرورة، فيصبح بذلك معدوم الأثر ويزول عندها بأثر رجعي ما كان له من قوة القانون.

أما الثالثة، فهي أن أحمد السعدون وخالد سلطان وبقية الجوقة الذين كفّروا الأخ الفاضل علي الراشد، حين فكر مجرد تفكير بصوت عال لمراجعة بعض مواد الدستور ورفعوا وقتها شعار «إلا الدستور»، نجدهم اليوم يرفعون شعاراً جديداً وهو ضرورة «تعديلات على الدستور»!

بل إن أحمد السعدون يصر اليوم على أن قضية تعديل الدستور أصبحت قضية مستحقة!

أما الرابعة، فهي حين أصدرت المحكمة الدستورية حكمها عام 1996 لمصلحة أحمد السعدون بأحقيته برئاسة المجلس، كان وقتها يطالب الحكومة باحترام القضاء ويردد دائماً: بأننا لا يمكن أن نقبل بأي حكومة إلا أن تكون لديها قناعة باحترام القضاء.. أما اليوم، فيقول عن الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية ببطلان إجراءات حل مجلس 2009 ومرسوم دعوة الناخبين ونتائج انتخابات 2012 بأنه انقلاب على الدستور!

كأن أحمد السعدون يقول ما معناه: إما أن تتقيدوا بالدستور الذي أريده والذي يتوافق مع طموحاتي في الهيمنة، وإلا فإن زحف الربيع العربي على الأبواب وفتيله في جيبي أشعله وقت أشاء!

أحمد السعدون يعلم أن هناك قضاة لهم باع طويل في علم القوانين والفقه الدستوري، ويعرف أن هناك خبراء ومدارس لا علم لديها سوى علم القانون، ولا لغة تفهمها سوى لغة أحكامه وتفسير فقهه، لكنه يعتقد ويؤمن بأن ما تعلمه من عبيد الوسمي يفوق بصحته كل علم وتفاسير الخبراء وجميع مناهج مدارس العلم المتخصصة بتدريس علم القانون في العالم!

سعود السمكه
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.