البرلمان الأوروبي يدشن الدورة ال13 من جائزة مؤسسة البابطين للابداع الشعري

دشنت نائبة رئيس البرلمان الأوروبي توكيا صيفي هنا اليوم الدورة ال13 من جائزة مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين للابداع الشعري المعنونة (الحوار العربي الأوروبي في القرن الحادي والعشرين .. نحو رؤية مشتركة) أمام حضور ملأ قاعة البرلمان الأوروبي من سياسيين مخضرمين ومثقفين متمرسين.

وأكدت صيفي في كلمة الافتتاح ثقتها في ان يقدم هذا المؤتمر الذي يستمر في جلساته الثقافية والنقاشية حتى يوم غد أفكارا “نستفيد منها في عالمنا اليوم وشراكتنا على كوكب الأرض” مشددة على انه علينا في هذه الفترة التي يشهد فيها العالم وخصوصا العالم العربي تغيرات في سبيل تحقيق الديموقراطية وتغييرات اجتماعية وثقافية واقتصادية وبشرية ان نتحاور ونتناقش و”نحاول الوصول الى بر الأمان من خلال اجتماع تجاربنا وخلطها واستنتاج ما يشجع ويدفع بمصالحنا المشتركة قدما”.

وذكرت ان أوروبا ودولها ارتأت ان تتحد في القرن العشرين وتركز على مصالحها المشتركة بدلا من الافتراق ولمواجهة المشاكل والحث على العيش بسلام معتبرة المؤتمر ومحاوره الثلاثة يواجه ويناقش المشاكل والمواضيع المعقدة التي يمر بها العالم لاسيما العالم العربي وعلاقاته مع دول الاتحاد الأوروبي.

واشارت صيفي الى أهمية تضافر جهود العالم بأجمعه لمواجهة التغييرات المناخية والبيئية التي يمر بها كوكبنا مضيفة “علينا نحن البشر ان نعمل من اجل تنمية وبيئة مستدامة وعلينا ايضا ان نضع نظاما دوليا بيئيا جديدا من أجل الوصول الى تلك الاستدامة”.

وأكدت ان النزاعات في الدول الأوروبية والعالم العربي كانت في الماضي محلية ولكنها اصبحت الآن دولية يتأثر بها جميع دول العالم مبينة ان انتشار التجمعات الاقليمية غير الرسمية يشكل خطرا في العديد من الأحيان على التماسك والترابط بين البشر في شتى أرجاء العالم.

واوضحت “انه يربطنا والعالم العربي صلات حضارية وثقافية وتاريخ معقد علينا ان نعمل على التركيز على إيجابياته والوصول الى رؤية مشتركة وهذا اللقاء والمؤتمر فرصة سانحة لاقتراح الأفكار ومناقشتها للوصول الى المصالح المشتركة وبر الأمان الذي نسعى إليه”.

ومن جانبه قال رئيس مجلس امناء مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين للابداع الشعري الشاعر عبدالعزيز البابطين في كلمة له ان الغاية من اختلاف البشر وأطيافهم وأنماطهم هو تعاونهم وتلاحمهم مع بعض ذاكرا ان القرآن الكريم حثنا ان نتعاون ونتشارك في الحياة بالرغم من حتمية الاختلاف العرقي والديني والثقافي بين أرجاء العالم وقاطنيه من بشر.

وقال البابطين “جئنا من الكويت وجئنا من الشرق إلى أوروبا مركز الحضارة الحديثة التي جعلت من الديموقراطية اسلوبها في الحكم الرشيد ومن حقوق الانسان منهجا للتعامل مع شعوبها ومن العلم سبيلها للرخاء ونزعت العنصرية لبناء عالم جديد تسوده العدالة والاخاء والمساواة” مضيفا “جئنا من الشرق العربي نحمل في وجداننا عبق الديانات السماوية عبرت في هذا الشرق واعلنت ان البشر جميعا أحباء الله ودعت الى المحبة ونبذت الكراهية وحرمت اراقة الدم البشري”.

وذكر ان التحية الاسلامية “السلام عليكم هي دعوة صريحة الى السلام العالمي ودعوة تتردد كل صباح ومساء بين الجميع لتؤكد ان السلام العالمي هو مطلب إلهي وبشري وهو ما يجعل الأرض ملاذا لأبنائها”.

وأفاد البابطين ان المؤسسة انشأت منظمة للحوار الحضاري واقامت سلسلة من الدورات والندوات في عدد من الدول الأوروبية من أجل التلاقح والتحاور بهدف “خلق ساحة للحوار بين نخب فكرية وسياسية ودينية من مختلف الدول ليتعرف كل طرف على الآخر على حقيقته لا على صورته النمطية ولكي يكون التعارف الخطوة الأولى للتفاهم والتعاون لتحقيق مصالح الجميع” مشيرا الى ان “التصدعات في النظام الدولي حاليا تنذر بشكل جديد ان اولى ضحايا الحرب الباردة السلم والأمن العالميين”.

وقال ان “عالمنا اليوم يواجه العديد من المشاكل منها المرض والفقر والأمية ولن تستطيع البشرية ان تتفرغ لمواجهة تلك المشكلات الشائكة مالم تهدم من بينها حواجز الكراهية ونزاعات الاقصاء والتطرف الديني والمذهبي ولن يكون هنالك مستقبل زاهر للبشرية مالم ينزع كل فريق من نفسه أوهام التعالي والغاء الآخر” مؤكدا يقينه “ان قوى الخير في العالم هي أكثر وأقوى من قوى الشر والظلام وان تعاوننا مع بعضنا سينتصر من خلاله الحق على الباطل والسلام على الحرب والعدالة على الظلم”.

واشار البابطين الى مصادفة اليوم لذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية التي تحتفل به أوروبا سنويا وانه لخير يوم لانطلاق فعاليات حوارنا الحضاري والثقافي مشيدا بالتعاون الذي حظيت به المؤسسة من اتحاد البرلمان الأوروبي ورئيسها مارتن شولتز وتوفيرهما جميع متطلبات النجاح وبالمشاركين والحضور من أكثر من 50 دولة من العالم لإثراء هذا المؤتمر والمشاركة فيه والذي من خلاله “يؤكدون انحيازهم الى معسكر السلام والحوار والتفاهم”.

واعتبر تأسيس اتحاد البرلمان الأوروبي وما انجزه حتى الآن “نقلة نوعية في العلاقات الدولية بعد عقود من النزاعات والحروب الداخلية أدركت بعدها ان الحرب هي الخطيئة الانسانية الكبرى في التاريخ فهي لا تحل المشكلات انما تزيدها تعقيدا وان الاختلاط بين البشر بمختلف أطيافهم ألوانهم ودياناتهم هي اختلافات طبيعية لا يمكن تغييرها انما علينا ان نقبلها ونتعايش معها وتوظيفها بشكل إيجابي لخدمة الجميع “.

وأكد البابطين ان البرلمان الأوروبي أصبح اليوم مثالا جاذبا للدول لتحقيق الوحدة من خلال التنوع مبنية على المصلحة العامة والفهم المشترك وشراكة من الوحدات الصغيرة في عالم اليوم تحقق المعجزات في المجالات العلمية والاصلاحية والسياسية وان الاتحاد الأوروبي هو خير مثال لذلك الالتحام من أجل المصالح العظمى.

بدوره قال رئيس لجنة حوار الحضارات في الأمم المتحدة رئيس البرتغال سابقا جورج سامبايو ان “علينا والمشاركين في هذا المؤتمر ومن الجانبين الأوروبي والعربي ان يحصلوا على فهم أعمق للتغييرات التي تحدث في مجتمعاتنا والعالم ككل وان علينا ان نصل الى أرضية مشتركة للحوار والتعاون بالرغم من الاختلافات العرقية والثقافية والدينية” متمنيا ان يكون هذان الهدفان غاية نصل لها من خلال هذا التجمع العالمي.

وأكد سامبايو ان التغييرات التي تحصل في العالم العربي لا تقتصر على السعي وراء الديمقراطية وانما هي تغييرات جذرية في جميع المجالات الانسانية منها والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية معتبرا تلك التغييرات والتناقضات في بعض الأحيان “شيئا طبيعيا للغاية وخصوصا في ظل عدم الاستقرار تخرج القوى السياسية والدينية للحصول على السلطة”.

واوضح انه من خلال خبرته في عملية التغيير الديمقراطي التي شهدتها البرتغال في سبعينيات القرن الماضي والتي كانت “بعيدة جدا عن الاستقامة” ان الحصول والوصول الى الديمقراطية “أصعب من توقع أي أحد” مبينا انه بعد 38 عاما من ثورة البرتغال اقتنع ان “الديمقراطية الكاملة لا يمكن الوصول إليها وانه نظام دائم التغيير والتحديث”.

واشار الى انه لا يوجد “حجم يناسب الجميع” بالنسبة الى الديمقراطية وانه لا يمكن تصديرها أو استيرادها أو تفعيلها بالطرق العسكرية.

واعرب سامبايو عن اعتقاده بان هنالك عددا من الأساسيات بالنسبة الى النظام الديمقراطي أهمها احترام الاختلاف الانساني المتبادل وحقوق الانسان والعدل والحرية ونبذ العنف “وان الوصول الى تلك الأساسيات يحتاج الى الجهد والوقت والحوار والتعاون” مشيرا الى ان الديمقراطية “ليست انتخابات أو كتابة دستور فقط بل تحتاج إلى اعادة بناء والحفاظ على القضاء الحر والصحافة الحرة والى اقتصاد يعمل”.

واشاد بالحوار العالمي الذي تشهده قاعة البرلمان الأوروبي اليوم والذي اعتبره “ما نحتاجه اليوم بالاضافة الى حوار سياسي واجتماعي مسؤول في المنطقة لكيفية الوصول الى الاصلاحات السياسية التي تدعم وتتناغم مع التغييرات الاجتماعية والدينية والاقتصادية التي يشهدها العالم ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص”.

ومن جانبه قال رئيس البرلمان الكويتي مرزوق الغانم ان العلاقة بين الحرية والكويتيين هي علاقة “وجود ونمط الحياة وان الحرية هي العامل الحاسم في اختيار الكويتيين لموقع مجتمعهم ودولتهم” مشيرا الى ان الكويت “تفتح شراع حريتها في حكمها وحكومتها وشعبها وتفتح النوافذ والأبواب للديمقراطية والدستورية من خلال مؤسساتها وحريتها الفكرية والابداعية والتعاون الدولي بأبعاده الانسانية والاقتصادية والمجالات الأخرى”.

وذكر الغانم ان التجمع اليوم “يأتي من أجل هدف سام لا يمكن قياسه بمؤشرات القياس التقليدية وان الحوارات الحضارية عموما والحوار الأوروبي العربي خاصة سيبقى فقط ممارسة فكرية راقية مالم يكن على أعمدة التلاحم والعدالة والتنمية واحترام الآخر فنحن هنا لنبحث خلاصة التجارب الانسانية ونعزز التبادل الثقافي الذي مر عليه آلاف السنين بين الشعوب والحضارات المختلفة”.

وبين “في الوقت الذي شهد فيه الحوار الحضاري بين شعوب العالم تباطؤا وصعوبة في الخطى أتت الأحداث المتطرفة لتذكرنا بأهمية فهم بعضنا البعض وأهمية انفتاحنا على الآخر بدلا من الانزلاق والانغلاق”.

وأكد ان “العرب والمسلمين كباقي شعوب العالم وان لم يكن أكثر يسعون لتنمية الوعي العالمي بأن الارهاب ظاهرة لا ترتبط بعرق أو دين أو جنسية والى حشد التعاون الدولي للتصدي الى هذه الظاهرة وتجفيف مصادرها”.

وأشاد الغانم باعتناق مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين تطبيق حوار الحضارات انطلاقا من قاعدة الثقافة والحضارة العربية “التي ساهمت طوال التاريخ بالابداع والتنمية البشرية والانسانية والتبادل الثقافي والحضاري الانساني” مبينا ان الحوار بين الشعوب والدول لا يجب ان يقتصر على السياسة والاقتصاد وانما يشمل المجالات الانسانية الاخرى أهمها التبادل والتحاور الثقافي والاجتماعي “لصنع اثر عميق وحقيقي في حياتنا”.

وذكر ان اليوم يصادف ايضا صدور الدستور الكويتي قبل 51 عاما وهو “دستور نفخر ونعتز به حيث أسس مبادئ العدالة و الحرية واحترام الآخر” مشيرا الى ان الكثير من أهل الفقه أكدوا “ان التمسك بالحرية هو العامل الحاسم في اختيار الكويتيين لموقع مجتمعهم وان علاقة الحرية مع الكويتيين هي علاقة وجود ونمط حياة”.

وعلى صعيد متصل قامت مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للابداع الشعري بتكريم المؤرخ البريطاني من أصول عراقية الدكتور إبراهام شلايم في هذه الدورة تقديرا لعطاءاته وكتاباته الداعية لنبذ العنف ونشر السلام في العالم.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.