خالد الجنفاوي: “أصدقاء الرَّخاء” يُعرفون وقت الشِدَّة

قال أحد الحكماء أن الاصدقاء الحقيقيين يُعرفون وقت الشدة, أي عندما يكون الإنسان في أمس الحاجة الى مساعدتهم أو تأييدهم أو مواساتهم. ولكن أعتقد أن أصدقاء الرخاء هم أيضاً يعرفون وقت الشدة! فأثناء سعة العيش يكثر الاصدقاء, ولكن حين تغلق الدنيا أبوابها أمام الإنسان فأول ما يختفي من حياته هم أصدقاء الرخاء. فالشدة أو الحاجة إلى المساندة والتعاطف هي الاختبارات الحقيقية لوفاء الإنسان وإخلاصه لوطنه ولمجتمعه وأهله وأصدقائه. فالإنسان السوي والرزين عليه أن يتخلص بأسرع وقت ممكن من أصدقاء الرخاء, لأن لا فائدة ترجى منهم بل ربما يصبحون لاحقاً ألد الأعداء والانداء.
صداقة الرخاء هي صداقة رحابة العيش والوفرة المالية والاستقرار الاجتماعي, فعندما لا يحتاج الفرد الى صديق الرخاء, فهو يصبح أكثر الناس قرباً ويبدو أكثر حرصاً على من لا يحتاجه أصلاً في ذلك الوقت! ويمد صديق الرخاء يده لك لمساعدتك وأنت لا تحتاج الى مساعدته حينئذ, ويبتسم في وجهك ويمدحك ويُصور نفسه في مخيلتك أنه صديقك الصدوق وهو ليس كذلك بتاتاً. فصديق الرخاء يأتي ويذهب وقت الرخاء والنعمة والهدوء, ويصبح أول الهاربين منك وقت ما تتضايق أو تحتاج الى شخص يقف الى جانبك. وليس بالضرورة أن يكون هدف الصديق المزيف كسب المال أو تحقيق مصالح مادية معينة, ولكن بعض الناس يسعون الى تحقيق أهداف اجتماعية خفية يحصرونها في معرفة هذا أو ذلك الشخص في وقت معين أو بغاية الاستفادة من ترتيب اجتماعي موقت. صديق الرخاء سينسحب مباشرة من حياتك وقت ما يحقق مراده.
ثمة إشارات أولية تكشف بعض من يدعون الصداقة:
* يكثرون المدح حتى يعتقد الفرد أنهم أكبر معجبيه.
* يعرضون خدماتهم بشكل مبالغ فيه وخصوصا عندما لا تكون ثمة حاجة لتلك الخدمات والتوصيات.
* يهذي بك إعجاباً في أوجه أصدقائك الآخرين. ويعلن لهم أنه الأقرب إليك منهم لأنه ذهب معك هنا وهناك ويتردد على لسانه : “هل تتذكر أبا فلان وقت ما ذهبت أنا وأنت….” وهلم جراً.
* يتملصون من رؤيتك وقت ما تبدأ تتضايق من أمر ما, بل ويغيبون في وقت تتوقع منهم أن يحضروا الى جانبك, وأعذارهم واهية تخر زيفاً ونفاقاً.
الشخص السوي والرزين عليه فلترة أصدقاء الرخاء في أقرب وقت ممكن, ويزيلهم من عقله ومن هاتفه ومن حياته تماماً. فمرافقة أصدقاء الرخاء بعد أن وضح زيفهم تضييع للوقت وإهدار لكل ما هو ثمين في الحياة الانسانية.

* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.