خالد الجنفاوي: نقد لاذع يرفض “الرأي الآخر”

“وَلَوْ كُنْتَ فَظا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ” (ال عمران 159 )
أعتقد أن جزءاً معيناً من النقد شبه السياسي في بيئتنا المحلية يبدو شخصانياً للغاية. أي يرفض “الرأي الآخر” ويحاول معتنقوه إظهار فشل معارضيهم, فقط لا غير ! وبالطبع, فالحوارات السياسية الهادفة والنقد البناء في أي بيئة مدنية وديمقراطية من المفروض أن تهدف دائماً الى تكريس أرضيات وحلول مقبولة يتفق عليها أبناء الوطن الواحد من أجل التغلب على تحدياتهم المشتركة. ومن هذا المنطلق, فالنقد اللاذع والحاد وبخاصة الذي يستهزئ مستخدموه ويسخرون من اولئك الذين يعتنقون آراءً مختلفة ربما يجذر الضغائن ويؤلب القلوب. بل وربما يروج للتنافر السلبي بين الذين من المفروض أنهم ينتمون جميعهم لبيئة وطنية متوحدة يتمتع جميع أعضائها بمساحة كبيرة من حرية الرأي والتعبير الديمقراطي. إضافة إلى ذلك: النقد السياسي اللاذع يشتت الجهود الوطنية الصادقة التي تهدف إلى تكريس التوافق والتعاضد والمحبة والتعاون البناء بين أبناء الوطن الواحد. بل سيؤدي هذا النوع من النقد الشخصاني والتأجيجي إلى بعثرة الجهود الوطنية الصادقة ويمنع تطور المجتمع الديمقراطي ويرسخ الجدل العقيم والمماحكات في النسيج الاجتماعي الوطني.
أعتقد أيضاً أن النقد السياسي الهادف سواء ذلك الذي يتم طرحه في بعض وسائل الإعلام الخاصة أو في إطار العلاقات البرلمانية-الحكومية من المفروض أن يلتزم ايجابياً من يستخدمه بحدود أخلاقية واضحة وينشد بشكل أو بآخر تكريس حوارات ونقاشات راقية تساهم في تقدم مجتمعنا الديمقراطي الكويتي, وليس العكس. فاحدى النتائج العكسية للنقد اللاذع والذي يبدو انه يرتكز على الأهواء الشخصية المتقلبة هو التهجم اللا منطقي على شخصيات وسمعة المعارضين في آرائهم. و سيرسخ هذا الجدل السلبي رجعية التفكير وربما سينفي إمكانية التوصل إلى حلول وسط واتفاقات ديمقراطية شاملة. فالارتقاء بلغة الحوار بين بعض التيارات السياسية المحلية رهين بإدراك أغلبية المشاركين أن الهدف الأسمى لأي ممارسة ديمقراطية منظمة هو تكريس حرية رأي وتعبير بناءة تعكس تطور ذهننا العام وحسنا الوطني و تُعلي شأن المواطنة الحقة في المجتمع. تتعارض الأساليب والأقوال والمفردات الشخصانية الحادة والقاسية في تناول وجهات النظر الأخرى مع سماحة كويتية متعارف عليها. فنحن الكويتيون من المفروض أننا وصلنا الآن لمرحلة نضج ديمقراطية تكرست خلالها حرية رأي وتعبير بناءة وعقلانية تبني ولا تهدم. والله المستعان.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.