نتداول كلمة «تافه» ونستخدمها في كثير من الأوجه على غير حقيقتها، حتى استقرت في أذهاننا بمعناها السلبي التحقيري، وإذا ما أردنا إهانة شخص ما وصفناه بـ «التافه»، بينما في الحقيقة أن كلمة «تافه» كوصف لإنسان ما ليست تنقيصا من شأنه أو احتقارا له.
«التافه» في معناها الأساسي ـ ككلمة ـ أو في أحد معانيها، هي الشيء الصغير الذي قد لا يؤثر في إحداث حالة تغييرية، وبناء على هذا الفهم فإن من نسميهم أو نصفهم بالتافهين، لم نظلمهم بمثل هذا الوصف والتصنيف وأكثرنا يكون تافها في كثير من الأمور، وكل أمر لا نفهم فيه ولا نستطيع إحداث تغيير فيه أو الزيادة عليه نكون فيه تافهين.
والمهندس تافه في الطب رغم أنه فذ في الهندسة، وقد يكون الطبيب تافها في الشعر رغم براعته في شق البطون ورتقها وإخراج القلوب من صدورها وإعادة العافية إليها.
إننا نخلط بين التفاهة والحقارة، ويكون الإنسان تافها بالمعنى السلبي للتفاهة حين يدعي علما وهو جاهل به أو حين يتولى أمرا من أمور العامة وهو غير جدير به، عندها يكون حقيرا، أي أن تفاهته قد صارت تفاهة عملية لذلك يجوز لنا ان نصفه بالحقير لتحقيق الوصف السليم الذي يليق بحالته.
وكثير ممن نعرف من البشر «تافهون» ولكننا لا نكرههم بسبب تفاهتهم، بل إن بعضهم يجذبنا إليهم حب غريزي بحكم العلاقة الإنسانية معهم أو بحكم صلة الدم والقرابة.
فالكثيرات من أمهات الأجيال القديمة ممن حالت ظروفهن العائلية والاجتماعية دونهن ودون التعلم والدراسة، عشن تافهات بمعنى أنهن لا يفهمن من شؤون الدنيا حتى أدناها، ومثلهن أيضا الآباء المنتمون لتلك الأجيال أو بعضهم، فهل كرهناهم بسبب ما هن أو ما هم عليه من تفاهة، أم أننا نقدرهم ونجلهم ونبالغ في التقرب منهم والدعاء لهم بالصحة وطول العمر؟!
إننا في هذا الفهم ضد الحقارة ولسنا ضد التفاهة، والتافه إن صار حقيرا احتقرناه ولكننا لا نحتقره لمجرد تفاهته!
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق