عبداللطيف الدعيج: أفتونا.. يرحمكم الله

آمل ان يكون ما اكتبه حول الطروحات الطائفية هو آخر ما يكتب عموما بهذا الموضوع، لكن هذا ليس ابعد من امل ابليس بالجنة فقط.. بل هو في الواقع ابعد من امل متطرفينا بها او «شهدائنا» بالحور العين. اريد ان اكتب ان كل القضايا الطائفية التي اثيرت وحركت «غيرة» المتدينين مختلقة، وليس لها اساس من الصحة، لكن لنكن متواضعين كما يجب، ولنقل ان اغلبها هو في الحقيقة كذلك، اي مختلق او في احسن الاحوال تمت اساءة تفسيره، وتدخل الحماس ليحوله اما من رأي سقيم واما خطأ عفوي الى ظاهرة ينشغل بها العوام عن دنياهم وعن المصلحة والمهم من امور، كل القضايا الطائفية التي اثيرت مؤخرا من سلمان رشدي، الذي لم يفعل غير ترديد روايات الآيات الشيطانية الموجودة في كتب المسلمين، الى الرسام الدانمركي الذي رسم شخصية «محمد عطا»، وليس محمد (ص) رسول المسلمين، الى البذالي مؤخرا. الذي لم يفعل غير شتم شخصية وهمية اسبغ عليها احد خطباء الشيعة هوية السيدة فاطمة بنت النبي، وزوج الامام علي بن ابي طالب، قالها بصراحة فاطمتكم «ايرانية»، وليست فاطمة التي نعرفها ــ اي بنت النبي، مع هذا يصر المتحمسون والمتطرفون على انه اهان السيدة فاطمة بنت محمد بن عبدالله سيدة نساء بني هاشم! سلمان رشدي في الواقع لم يشتم بوضوح غير ابي الانبياء ابراهيم، اي ابو ونبي اليهود والنصارى، قبل ان يكون نبي الخميني. لكن مع هذا لم يأبه لا اليهود ولا النصارى بروايته… بل طبعوها وقرأوها وبعضهم اعجب بها. وحدهم المسلمون من ثار واستطار وافتى وعمل بجهد ايضا لقتل سلمان رشدي!

كل هذا عادي.. وطبيعي ان يتحمس المنفعلون والعامة وبسطاء الناس. بل حتى اعقلهم وافطنهم، فاذا شعر الانسان بانه مستهدف او مضطهد، فان هذا الشعور يفتح امامه ابواب الشكوك والريبة في الآخرين. لكن هذا مشفوع للاقليات ولمن يفتقد الحيل والقوة. الردة الدينية والتعصب الديني الاسلامي لم يظهرا الا مع اشتداد التدين ومع اموال «البترودولار». اي انه ليس حتى ردة فعل نفسية وطبيعية لاضطهاد الغير وتطرفه.

وما هو محير ومثير هنا هو ان تضطر حكومات وانظمة الى مسايرة الغضبات العفوية العامة، بل احيانا تتولى قيادتها، كما هي حال السيد الخميني، وهي العالمة والمطلعة على كل خبايا الامور وظواهرها.

في دولة الكويت الديموقراطية. لدينا قوانين تحمي الانبياء والجنة والنار والملائكة والكتب والصحابة واهل البيت مؤخرا.. نطالب حكومتنا الرشيدة جدا، التي وافقت على هكذا قوانين، ان تستفتي شيوخ الازهر وسادة قم والنجف وعلماء مكة ولجنة الفتوى في وزارة الاوقاف عن كيف يمكن لانسان واحد او لمئات الملايين ان يهينوا او يؤثروا في شخصية دينية، او يغيروا من مكانتها وقربها من الله.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.