لست هنا للدفاع عن احد، وبالذات عن الحكومة. لكن من الصعب على الانسان المحايد والمعني بحق وحقيق بالمصلحة العامة ان يتجاهل التحامل الواضح، والمقصود في الغالب وغير المقصود بشكل اقل ضد الحكومة بسبب الآثار التي خلفها ما يمكن تسميته بالاعصار الحالي.
هذا لا يعني، ان من تحلطم او اشتكى او حتى استهزأ بالاجراءات والاستعدادت الحكومية على خطأ. فقد يكون صحيحا ان كل ما حدث هو نتيجة حتمية للسياسات والممارسات الحكومية الخاطئة التي تحكمت في البلد ولا تزال منذ عقود عديدة. لكن من الانصاف الاشارة الى ان الاتهامات والادانات التي اصدرها الكثيرون ضد الحكومة لم تبن في الواقع على حقائق ووقائع ثابتة، تثبت تخبط الحكومة او تقصيرها في التصدي او التحسب لهكذا حالات وحوادث. فأحد حتى الآن لم يشر الى كمية المطر، وما اذا كانت ضمن النسب المتوقعة والمعدلات التي اعتاد عليها المناخ الكويتي. هذا بالاضافة الى الكثيرين ممن مارسوا الاستهزاء وتحاملوا بقصد على الحكومة لديهم اصلا خلاف سابق او «ثار» مع السلطة يسعون الى معادلته.
ان الدول والمجتمعات الراقية تبني استعداداتها لمواجهة الكوارث وحتى الظواهر الطبيعية وفقا لمعدلات حدوثها وحدودها. بمعنى ان الاعاصير غير العادية التي تحدث مرة كل عشرات او مئات السنين او آلاف او حتى ملايين السنين، لايمكن، وليس من الطبيعي اصلا انفاق الاموال الضخمة لمواجهتها، بل بعضها لايمكن مواجهته اصلا، كاحتمال ارتطام نيزك او « مدييتر» بالارض او بجزء منها. المعنى ان الظواهر الطبيعية التي تفوق المعدل او المتوقع من الصعب مواجهتها او تجنبها، اللهم الا بانفاق الملايين من الاموال واضاعة الكثير من الجهد دون مردود حقيقي. وفي كثير من الاحيان تمر سنوات وعقود وتتآكل «الدفاعات» دون حدوث ما بنيت لمواجهته، واحيانا اخرى تكون المفاجأة في ارتفاع خطر وقوة الظواهر بحيث تتخطى كل الدفاعات والاحتياطات. كما حدث مثلا في حالة اعصار «كاترينا» الذي اجتاح كل دفاعات ولاية لويزيانا الاميركية.
ليست المباني الحكومية وحدها ما تعرض للتلف او لم يصمد بشكل كاف امام العاصفة، فمبان ومؤسسات اهلية بناها اصحابها بحر مالهم، نالها هي الاخرى ما نال المباني والمشروعات الحكومية. بمعنى ان الضرر حقيقي وناتج عن طبيعة العاصفة التي فاقت المعدل وليس سوء ادارة او تنفيذ اسيء للمؤسسات المتضررة.
بقي ان نشكر مؤسسات الدفاع المدني وكل المؤسسات والادارات الحكومية التي ساهمت في التخفيف من الكارثة واحتواء اخطارها.. وعساهم دوم على القوة.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق