محمد العبدالجادر: السياسة لا ذاكرة لها

هنالك مقولات يأخذها الناس كمسلمات، أو تفرضها الحال والواقع، ومن هذه المقولات: إن السياسة هي فن «الممكن»، وإن السياسة تبنى على المصالح. ولذلك، تحضرني مقولة تشرشل إنه في السياسة لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة إنما مصالح دائمة. ومن المقولات المشهورة أيضاً، إن الذاكرة في السياسة قصيرة جداً أو إن السياسة لا ذاكرة لها.

استغرب كثيراً الحديث عن التقارب الأميركي – الإيراني وكأنه لغز، وكيفية التحولات التي حدثت في الغرب من عداوة وحرب باردة إلى مفاوضات وأجواء إيجابية، وهنا يجب أن نبحث عن العوامل التي ادت إلى الوصول لهذه النتائج، ولماذا اختار الغرب والولايات المتحدة طريق المفاوضات السلمية والحوار وتغيرت اللغة العدائية؟!

أيضاً هناك أسئلة، ما التحولات تجاه السياسة الغربية للمنطقة، وبالذات حول المنظومة الخليجية التي نحن جزء منها؟ وهل تغيرت المصالح؟ ما يحدث في الإقليم يجب النظر إليه وقراءته في سياق شامل، فالتقارب الخليجي – الإقليمي مع روسيا هو في مواجهة التقارب الغربي – الإيراني، والتحركات لدعم النظام في مصر في مواجهة الإخوان المسلمين، وعدم ترك لاعب في الإقليم كتركيا في الملعب وحده. المتغيرات الإقليمية لو عدنا بها إلى الوراء عاماً أو عامين سنجد فعلاً أن السياسة لا ذاكرة لها. أما في ما يختص بالوضع المحلي، فسنجد أن المتغيرات، خصوصاً في المواقف، تتغير، وبالذات في ما يختص بالمشاركة في الأحداث السياسية، لا سيما في الانتخابات والموقف منها، حيث إننا نستمع اليوم إلى أصوات أقل تشنجاً من ذي قبل، وخفت اللغة المتعالية الممزوجة بالعبارات العاطفية، وبدأنا نسمع عن مصطلحات التصالح، الحوار الوطني، وضرورة التقارب والتلاقي. السياسة لا ذاكرة لها.. مقولة تقديرية، ولكن البعض يريدنا أن نتذكر عندما يتذكرون، وننسى عندما يقررون عنا النسيان، وبالنهاية لن يصح إلا الصحيح.

د. محمد عبدالله العبدالجادر
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.