ربما يكون خبر السماح بتبادل القسائم الحكومية عاديا، بل حتى مساعدة مشكورة من الحكومة للمواطنين واهتماما بمصلحتهم. لم لا..والتقارب والتواصل حسب الزعم الرسمي والشعبي من «سمات» المواطن الكويتي. وكأن هذا المواطن شيء ثان،… وليس بشرا خاضعا تماما مثل بقية خلق الله لتأثير الظروف واغراءات المصالح. ربما يكون الخبر كذلك، اي انه عادي وحرص حكومي على سلامة المجتمع، وربما اجده انا غير ذلك بحكم شكي في نوايا السلطة وخبرتي بالزغالة «الحكومية».
قضية الاسكان، ليست في الواقع قضية شائكة، بل ليس من المفروض ان تتحول الى قضية او مشكلة. لو لم يكن التكسب والربح «العقاري» ما يحرك مجمل واغلب اللاهثين خلف السكن الحكومي. لو كان السكن مأوى وملجأ للمواطن كما هو مفترض، يعود الى الدولة بعد استنفاد اغراضه او «استنفاد» المواطن نفسه، لأصبح هذا السكن متوافرا للجميع ولأصبحت اسعار المساكن عند احجامها الحقيقية. لكن الدعم الحكومي وتوفير فرص ومستلزمات البناء للمواطن هو في الحقيقة ما يلهب السوق العقاري، وهو ما يجعل التنافس على القسائم والمنازل السكنية مستمرا. واليوم اذ يعود قرار السماح بتبادل القسائم السكنية الحكومية فان هذا القرار يؤكد ما سبق وان ذهبت اليه من ان السكن الحكومي هنا هو استثمار ومضاربة في العقار اكثر منه احتياجا طبيعيا للمأوى. فبسلامته المواطن «الدايخ» من الانتظار، لا تعجبه القسيمة التي على شارع واحد، او ليس لها ارتداد كاف. لذا فهو المسكين الناطر خمس عشرة سنة، ينتظر اكثر، بل يدفع الآلاف ويساهم في رفع اسعار القسائم عليه وعلى الآخرين من اجل التحصل على قسيمة بارزة وبناء بيت يحقق له ربحا افضل على المدى القريب، لان الحكومة تسمح ايضا بتبادل وبيع المساكن الحكومية مثل ما تسمح بتبادل وبيع القسائم.
ليس هذا هو الجانب السيىء في الامر. فلا اعتقد ان هناك مشكلة كبرى في ان يحقق بعض المواطنين دخلا اضافيا، ولو كان على حساب وظهر البقية. لكن الطامة الكبرى هنا ان هذا التبادل يسمح او هو بالاحرى «مصمم» من اجل بناء «الغيتوات» ومن اجل حشد اقرباء الدم من قبائل وعوائل واقرباء المذاهب من الطوائف والاديان في تجمعات انتخابية تستغل سياسيا من قبل العديد من الاطراف.
ان قرار اعادة السماح بتبادل القسائم قرار غير حكيم اقتصاديا، خصوصا في ظل دعوات كبح اسعار القسائم وقرار فيه من الزغالة السياسية مما ليس من المفروض ان يخفى على اي نبيه
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق