خليل حيدر: لماذا يحزن الكويتي.. لمجتمعه

لماذا يشعر المبدعون الكويتيون بالاحباط، تساءل الكاتب الايراني المعروف الاستاذ امير طاهري: «يا الهي! يبدو الكويتيون بالفعل في حالة من الاحباط، هذه هي الفكرة التي تذهل اي قارئ بعد ان يمضي اياما مع مقتطفات من القصص والروايات الكويتية، التي نشرتها مجلة «بانيبال»، مجلة الادب العربي بالانجليزية في عددها الـ47». (الشرق الاوسط، 2013/10/12).
الادب القصصي الحالي في الكويت، اضاف الكاتب «طاهري»، «يجسد مجتمعا يتمتع بقدر ضئيل من البهجة، يبدو ان الكويتيين يشبعون شهيتهم ولكنهم لا يشعرون بالرضا، يملكون المال ولكن ليسوا اثرياء، احرار ولكن يتمتعون بحريات محدودة، الكوب يقترب من الشفاه، ولكنه لا يصل اليها تماما».
جولة الاستاذ طاهري شملت اشارات الى اعمال قصصية وروائية كويتية عديدة، قصة فاطمة يوسف العلي القصيرة «العودة من شهر العسل»، رواية بثينة العيسى «صدام صامت»، رواية «كحل اسود قلب ابيض»، لمنى الشمري، رواية طالب الرفاعي «ابو عجاج»، ورواية «حدث بالامس» لاسماعيل فهد اسماعيل، وقصة حميدي حمود القصيرة «لاجئ»، وقصة سليمان الشطي «صوت من الظلام»، ورواية «سلم النهار» لفوزية الشويش، ورواية «حذاء اسود على الرصيف» لباسمة العنزي، ورواية «عباءة الكاظم» لليلى العثمان، ورواية «زمن المزمار الاحمر» لثريا البقصمي.
ويستعرض الكاتب «طاهري» في مقاله بعض اوجه احباط المبدعين والمبدعات في الكويت، محاولا فهم هذا التوجه الكويتي الذي لا يرى الكثير من راصدينا ثقافيا واجتماعيا.. بلا مبرر مقنع او مفهوم هل المبدع او المثقف الكويتي محبط حقا؟ هل يشعر باليأس والغربة واستحالة اصلاح مجتمعه بعد ان تلاعبت بمصيره الحوداث والصراعات والمشاكل والانقسامات وغيرها؟
ثمة حقيقة لهذا الاحباط في حياة المبدعين والمثقفين الكويتيين فعلا، وهو على الارجح ترجمة ثقافية للاحباط العام الذي لا يدرسه احد، والذي لايزال «ساري المفعول» منذ التحرير عام 1991، ومجتمع القيم والمفاهيم والسياسات المستجدة في المجتمع.
قد يكون جوهر هذا الاحباط شعور المثقف باليأس واللاجدوى من محاولته التأثير في جمهور لا يبدو مكترثا بما يشغل بال المثقف، وقد يكون منبعه الاستياء من مؤسسات رسمية تمنح الكثير وتشد وترخي معظم الحبال والخيوط، وبيدها قرارات الارتقاء والانحدار، ولكنها لا تعلم الا اين تتجه، وقد تعمر.. او تدمر!
الاحباط ربما كان منبعه شعور المثقف بتوفر الامكانات وقلة الاستفادة منها، وهدر المال والطاقات بعيدا عن قنوات التنمية، وربما نبع هذا الاستياء من فقدان المشروع الاجتماعي لبريقه، وما عقدت عليه من آمال منذ الاستقلال، لتحل محله مجموعة من جزر المصالح الخاصة والانتفاع الضيق الافق وانواع الفساد.
المبدعون قد يشعرون بالمرارة من انقسام المجتمع، وعدم سعي المواطن رغم كل الفرص والامكانات لتطوير ذاته وتجاوز نقائصه وترتيب اولوياته الكل تقريبا يبحث عن الوظيفة الحكومية والعمل الاداري المريح، الكثير من الشباب لا يريد ان يستفيد من البعثات الخارجية كي لا يحرم من البقاء بين اصدقائه، معظم الذكور والاناث خاضعون للجماعات الدينية والتعصب الاجتماعي والقبلي والطائفي.
مشاعر الاحباط والاحتجاج في الاعمال الادبية الكويتية لا نرى اي اثر لها في مجال الفن التشكيلي وبخاصة الرسم ولا نراها كذلك في مجال البحوث والدراسات والتأليف فنادرا ما يدرس ابناء القبيلة قبيلتهم ومشاكلها، ونادرا ما يصدر كتاب يدرس الطائفة وقليلة فعلا مشاريع تجديد «روح الستينات» في المجتمع.
احباط المبدع والمثقف تجل راق ومسالم لما يفرز مشاكل اعقد واخطر، مثل شجار الشباب والعنف وقيادة السيارة بشكل يهدد حياة الآخرين وسرعة انفعالنا في الشارع والسيارة ازاء ابسط هفوة من الآخرين.
شيء ما بحاجة الى اصلاح جذري في حياتنا!

خليل علي حيدر
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.