استطاعت تلك الإمارة الصغيرة «دبي» عروس الأرض وزينتها، منافسة ثلاث دول عريقة كبيرة كثيرة الأنفس والطنين والضجيج، فبزّتها وفازت بتنظيم معرض إكسبو الدولي لعام 2020.
وما كان هذا الفوز من فراغ أو من مصادفات القدر أو ضربة حظ، بل إنه جاء نتيجة إرادة قوية وخطط تنظيمية واضحة وجهد عملي يشهده الواقع قائم على الأرض تراه العيون وتتداوله الأيدي، وليس حلما ينام في الرؤوس ويدغدغ العواطف ويبعث الفرح الكاذب.
دبي قائمة على فكرة «الإرادة والإدارة»، وهما متلازمتان لا تنفصلان ولا تعمل إحداهما دون الأخرى، فتَوفّر الإرادة القوية يستلزم تَوفّر الإدارة القادرة على تنفيذ متطلبات تلك الإرادة وتلبية طموحاتها.
ودبي عقل مفتوح وربما هي مستودع عقول العالم، ترحب بأيّ عقل قادر على الإبداع الإيجابي الذي يخدم الحياة وأهلها، وهي لا تعمل من أجل نفسها فقط، بل من أجل العالم كله، لذلك تعدّدت فيها رؤوس الأموال البناءة التي غادرت خزائن البنوك والصناديق لتحط مشاريع على أرض دبي أو في بحرها أو تنطح سماءها.
البعض ـ مع الأسف ـ لا يرى في دبي إلا ما يسحر عينيه مما هو فوق أرضها من بناء وعمار وأبراج تخطف الأبصار في فنها الهندسي وطريقة بنائها وجمالها كلوحة فنية متقنة الصنع، يطالعها المرء فلا تمل عيناه ولا تتبرم نفسه، ولكن الحقيقة غير ذلك فما تلك الأبراج المشيدة إلا ترجمة واقعية للإرادة والإدارة، وهذه الأبراج الخلابة ليست خاوية تسكنها الريح وتصفر بها بل هي عامرة ببشر يعملون وينشئون ويبدعون، في الأسواق والمصانع والإدارة وفي البر والبحر والجو يحركون الاقتصاد ويسيّرون شؤون التجارة وتداول البضائع التي تنتجها مصانع العالم، ولا أدلّ على ذلك من أنّ كل شركة كبرى في العالم إلا ولها موطئ قدم على أرض دبي.
دبي لم تنشغل بالداء السياسي القائم على المشافهة الكاذبة والوعود التي تطلق في الهواء ليأكلها الهواء، بل إنها تنفذ ثم تعلن وتفكر ثم تنفذ على عكس ما هو قائم في عالمنا المريض من سبق التنفيذ للتفكير.
هذا بعض قليل مما سبب فوز دبي بتنظيم إكسبو 2020 وما لم يكتب أكثر وأكثر.
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق