استجواب السيد رئيس الحكومة المقدم من النائب رياض العدساني، احد اعضاء تجمع المعارضة في المجلس المبطل، كشف بوضوح مدى فساد وتخلف العمل البرلماني في الكويت، حيث انه لم تكن المفاجأة في عدم وجود متحدث مؤيد للاستجواب، بل ان المفاجأة الحقيقية كانت في محاولة ما يمكن تسميته حاليا بنواب الحكومة تكميم افواه النواب البقية، وبالذات نواب المجلس المبطل رياض العدساني وعبدالله الطريجي، ومنعهم من اداء ابسط مهامهم البرلمانية.
هذه المبادرة او السلوك النيابي الرديء ليس من عنديات اعضاء المجلس الحالي، بل سبقهم الى ذلك اصدقاء وزملاء النواب الذين تم اضطهادهم من اعضاء المجلس المبطل، الذين مارسوا ذات التجبر والحصار ضد نواب الاقلية في ذلك المجلس. وقبلهم ايضا مارست الحكومة والاغلبية الموالية لها في مجلس 1963 حصاراً وعزلاً لنواب المعارضة الوطنية، مما اضطر ثمانية من اعضائها الى الاستقالة، حين اصبح العمل البرلماني صعبا واداء مهامهم التي انتخبوا من اجلها مستحيلا.
هذا السلوك بالطبع غير ديموقراطي، ويستمد اصوله من الفهم الناقص للديموقراطية من انها حكم الاغلبية، وليس قرار الاغلبية، ان الاغلبية تقرر ولكنها لا تحكم، فالذي يحكم هو الامة مجتمعة عبر دستورها. قد يبدو هذا مبهما وربما يناقض المنطق ايضا، لكن لو تمعنا في النظام الديموقراطي وفي مبادئه وفي دساتير العالم، ومن ضمنها دستور الكويت لوجدنا ان الاغلبية او مجلس الامة برمته مقيد دستوريا، فعندنا على سبيل المثال لا يمكن لمجلس الامة العبث او تقليص المكتسبات الديموقراطية للمواطنين الا الى الاحسن، اي لو ان الاغلبية ارادت الحد من الحريات او تقييدها، فان ذلك غير ممكن على الاطلاق بغض النظر عن عدد اعضائها او موافقة الجميع على ذلك. واذا آمنا بهذا فإن هذا يقود الى ان منع اي نائب من اداء مهامه النيابية او التعبير عن رأيه محرم دستوريا. واذا كان ذلك مكفولا للمواطن العادي فما بالك بنائب يمثل الامة بأسرها وفي داخل مجلس الامة نفسه؟!
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق