عرفت البشرية عددا من الفاتحين الكبار مثل القائد المغولي «تيمور لنك» الذي احتل شمال الهند وبلاد الرافدين، وكذلك القرطاجي «هينبعل» حين انطلق من شمال أفريقيا ليحتل شبه الجزيرة الايبيرية ويجتاز جبال الألب لمهاجمة روما، كما عرفت البشرية «يوليوس قيصر» الذي احتل بلاد الغال ومصر وسورية، وقبله «الاسكندر الأكبر» الذي لم يكتف بحكم مملكته، فاستولى على فارس ومصر وأورث امبراطوريته المقدونية لخلفائه من بعده.
استولى الفاتحون القدماء على حضارات أخرى لم يصنعوها، فشنوا الحروب واستخدموا الجنود والبطش للسطو على مدن وحضارات الآخرين بعكس قادة الخليج المتعاقبين على عهودهم في تاريخنا الحديث الذين تسلموا الصحارى القاحلة فشيدوا فيها المدائن العظيمة حين جلبوا العمال والمهندسين وخبراء المعمار من أصقاع الأرض لبناء الطرقات والجسور والمنازل والأبراج والمدن الصناعية، فصارت حواضرهم العصرية تنافس حواضر العالمين.
البناؤون غير الفاتحين، فالقائد الباني رجل سلام يحصد التنمية، أما الفاتح فرجل حرب يغتنم المدن ويبتلع حضارات أهلها. ونحن في الخليج دعاة سلم منشغلون بالتنمية والبناء لا بالحروب والتناحر وتدبير المكائد. والشاهد كل هذه المدائن الناهضة في جميع دول الخليج والتي يحج إليها الناس من كل حدب وصوب وتعيش هذه الايام حالة من القلق الدفين بسبب إشاعات الشؤم المتعلقة بتفكك المنظومة الخليجية.. يا رب سترك.
www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق