استعرت عنوان المقالة من رد أحد قرائي الاعزاء على مقالة بعنوان “لا رفاه بلا انتاجية والتزام وظيفي” ومعنى “التزريق” في اللهجة الكويتية العامية التسيب الوظيفي, اي حين يتملص الموظف من واجباته الوظيفية, ويغادر مكان العمل من دون ابلاغ زملائه او مسؤوليه, وينطبق مصطلح “التزريق” كذلك على الموظف الذي يتسلم راتبه, وهو جالس في منزله, او يمارس تجارته الخاصة وقت العمل الحكومي, و”التزريق” في اللهجة العامية الكويتية هو بشكل او اخر التسيب والاهمال والتهرب من اداء المسؤوليات والواجبات الاسرية والاجتماعية والوظيفية, ووفق معجم لسان العرب “انزرق الرجل انزراقا اذا استلقى على ظهره”!
اعتقد ان التسيب الوظيفي يتسبب في تأخير تنفيذ خطط التنمية, لانه يؤدي الى تراكم العمل الاداري والفني, ويؤخر انجاز ما يجب انجازه في وقت مناسب وبالطبع, يتنافى “التزريق” والتسيب الوظيفي مع الاخلاق الحميدة التي من المفترض ان يلتزم بها المواطن الصالح, فالمواطن الحق لا يتهرب من مسؤولياته وواجباته الوظيفية بل يحاول قدر ما يستطيع الالتزام بها وتنفيذها على احسن وجه, اما ذلك الفردالذي لا يهمه سوى تسلم الراتب في نهاية الشهر, مع انه يعلم جيدا انه لا يستحقه بسبب “تزريقه” واهماله اداء ما عليه من واجبات وظيفية, هو بشكل او بآخر فرد أخل بواجباته الاخلاقية تجاه نفسه, وتجاه مجتمعه الوطني.
لا يمكن في اي حال من الاحوال ان تترسخ ثقافة الانتاجية والالتزام الوظيفي ما لم تحرص الجهات الحكومية المختلفة على تكريس ثقافة العطاء والانجاز الوظيفي, بعنى اخر من المفترض تطبيق اجراءات مشددة ضد من يتملصون من اداء ما عليهم اداؤه من واجبات ومسؤوليات وظيفية, فالتنمية تبدأ في تصحيح الوضع الوظيفي العام عن طريق اعادة صياغة مفاهيم الانتاجية والاداء الوظيفي, ولقد اقترحت في مقالة سابقة عن الالتزام الوظيفي, ان تبدأ الحكومة في تطبيق مبادئ الجودة, اي ان تحرص على تطوير النظم الادارية الحالية بهدف منع حالات التسيب الوظيفي, فلا تنمية يمكن ان تتحقق بشكل مناسب مادام هناك افراد يقبضون رواتبهم ولا يعملون, ولا يمكن ان تتحقق التنمية المنشودة, طالما ان ثمة موظفين يتعاملون مع بيئة عملهم, وكأنها مكان استراحة لتبادل الحديث مع الزملاء والاصدقاء, ولا يمكن ان تتكرس تنمية في ظل وجود نظم ادارية ووظيفية تسمح بالتكاسل والتراخي عن اداء الواجبات الوظيفية, فلعل وعسى وربما ولو بعد حين.
* كاتب كويتي
khaledealjenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق