حسن كرم: ليقل الدويلة ما يقول

لا نستطيع ان نفرق بين الحركات السياسية المؤدلجة والاحزاب، فالحركات السياسية تصغير للحزب، فكل الاحزاب تبدأ بحركات سياسية. من هنا فإعلان مبارك الدويلة ان الحركة الدستورية ستغدو حزبا سياسيا في خلال السنة المقبلة التي لم يبق على اطلالتها الا بضعة ايام هو في تقديري تحصيل حاصل واذا كان الجديد في اعلانه هو اعلان أسماء القيادات والتمويل، لكن تظل الحركة فكرا سياسيا مأخوذا من فكر الاخوان المسلمين خاصة انه في سياق تصريحه لم يقل انه حزب سياسي ليبرالي مثلا، وانما قال حزب سياسي اسلامي، وهذا يعني انه وضع اطارا للحزب وهو الاطار الاسلامي السني لانه لن يكون هناك مكان للفكر الاسلامي الشيعي في حزب اكثريته من الجماعات السنية وعلى افتراضنا ان هذا هو الصحيح لكنه يظل حزبا مغلقا على الجماعات المؤيدة للاخوان المسلمين، فمثلا لن يكون للسلفيين او جماعات حزب التحرير، او جماعات التبليغ وغيرها من الحركات الفكرية الاسلامية المتواجدة حاليا على الساحة سواء هنا في الكويت او خارجها باعتبار انه لا يوجد اسلام سياسي كويتي واسلام سياسي مصري او سوداني وانما كله مأخوذ من بعضه، فالكويت لم تكن بيئة لتصدير الاحزاب والافكار السياسية وانما كانت وستبقى بيئة لاستيراد الافكار مثلما تستورد كل بضائعها واحتياجاتها من الخارج ورغم ذلك استطيع ان اقول البيئة الكويتية وبمعنى ادق التربة الكويتية ليست التربة الصالحة والمناسبة لزراعة الاحزاب، فالتجارب اثبتت فشل المحاولات الحزبية، فكل الحركات السياسية الكويتية ظلت محدودة التأثير فقط في محيط المنتمين لها، وهؤلاء غالبا ما تجمعهم الصداقة او القرابة او الزمالة لذلك تنفصل حلقاتهم بالاسباب التي جمعتهم خذوا على سبيل المثال اين الجماعات السياسية الناشئة في عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، اين جماعات جاسم القطامي واحمد الخطيب واين البعثيون واين جماعة الغرفة هؤلاء كانوا ثم بادوا لان البيئة الكويتية ليست بيئة حاضنة وقابلة للبقاء ولذلك فأية حركة سياسية لن يكون تأثيرها الى على محيط محدود.
لعل فشل نشأة الاحزاب في الكويت يعود الى عدة اسباب وعوامل، لعل اهم العوامل ان الكويتيين تجمعهم الارض ويفرقهم المزاج وهذا يعود الى نشأة الدولة الكويتية التي قدم اهلها من اتجاهات متفرقة من الشمال ومن الجنوب ومن البحر والشرق من ثقافات وامزجة ومذاهب وديانات الكويت اشبه بلبنان من اختلاف الثقافات والمنابت.
ومن هنا اقول ليقل مبارك الدويلة ما يقول وليفرح بحزبه لكنه لن يحصد في الاخير الا الفشل وحسبه ان يأخذ عبرة بالاولين.
نحن نعلم ان الاخوان المسلمين في الكويت يشكلون قوة متماسكة لكن هذه القوة لم تكن لتبقى لولا رعاية حكومية كذلك هذه القوة ليست وحدها على الارض فالسلفيون يشكلون القوة المنافسة والمناكفة كذلك يستمدون وجودهم وقوتهم من الدعم والرعاية الحكومية بمعنى ان الميزان الحكومي يقوم على معادلة السلف بالاخوان مقابل القوة الثالثة وهي الاسلام الشيعي المتمثل في تيارات وجماعات الشيرازي وجمعية الثقافة والدعوة.
اعلان الدويلة عن قيام حزبه يأتي في وقت يعيش الاخوان في اضعف مرحلة وهي مرحلة الانكسار بعد انكشاف امرهم ورفض شعبي عارم لوجودهم في السلطة سواء في مصر او تونس وقريبا في تركيا.
من هنا ينبغي القول الكويت لن تكون البديل المناسب لتجمع الاخوان ولن يستطيع الدويلة جعل الكويت حاضنة للاخوان وهناك رفض لذلك الوجود فهو (الدويلة) يسير في ظني عكس التيار بمعنى ما اصاب الاخوان متوقع حدوثه للسلف والتيارات المتأسلمة السنية والشيعية، فهذه التيارات التي عاشت ربيعها في خلال العقود الثلاثة الاخيرة من الافضل ان تلملم ثيابها وترحل، فالقادم لا وجود للاسلام التكفيري او الاسلام المسيس، وانما هناك ولادة فكر جديد يقوم على الوسطية والانفتاح وقبول الآخر، انه فجر جديد قادم على العالم الاسلامي بعد ليل كالح طويل.
ليقل الدويلة ما يقول.. وليفرح بحزبه الموعود، فالعبرة ما تطرحه الارض.

حسن علي كرم

المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.