صلاح الساير: غياب المشكلة.. مشكلة

أسس منذ عشر سنوات شركة تعمل في مجال العلاقات العامة والإعلان والتسويق في الكويت وأدارها بجد واجتهاد وأصبح لديه العديد من العملاء.

صادفته قبل أيام وسألته عن أعماله فشرع يجأر بالشكوى من الهدوء في الساحة السياسية الكويتية (!) وحين سألته عن السبب قال إن تكرار الانتخابات النيابية السابقة نتيجة للحل المتكرر للبرلمان كان يوفر لنا الكثير من العملاء (المرشحين للبرلمان) أما اليوم وبسبب الهدوء فإن الحال واقف.
انصرف رجل الميديا الحزين وبقيت افكر بشكواه من الهدوء السياسي في البلاد (!) وتذكرت القول المأثور «مصائب قوم عند قوم فوائد» فالمحامي لن يتمكن من دفع أجرة منزله لو لم يتخاصم الناس، ولو تاب اللصوص عن أفعالهم وكفوا عن السرقات لمات رجال الشرطة من الجوع، ولو أن الفساد في البلاد اختفى لاختفى معه السياسيون الذين يعدون الناس بمكافحة الفساد قبل أن ينخرطوا في سلكه.

يبدو لي أن المشكلات ضرورية فلولاها لم يعرف الناس الحلول (!) ولو انصرف البشر إلى أعمالهم بهدوء، ولم تشنّ دولة حربا على دولة أخرى، ولم نعرف الربيع أو الخريف العربي، وجرت القطارات في أمان ولم تخرج عن سكك الحديد لتنقلب، ولم تغرق عبارة تحمل لاجئين، ولم يحدث أمر ذو شأن يستحق أن ينقل للناس فسوف تخسر وكالات الأنباء وتمتنع التلفزات عن البث وتغلق الصحف أبوابها وهكذا نخرج من مشكلة لنقع في أخرى.

www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء