خالد الجنفاوي: “حرية التعبير” يحددها القانون والأعراف الاجتماعية

“وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا “. “الأحزاب 58 “.
أعتقد أن حرية الرأي والتعبير في أي مجتمع ديمقراطي ومدني من المفترض ألا تخرج عن الشروط والأوضاع التي يبينها القانون. فمن يقبل بشروط مواطنته في مجتمع ديمقراطي ومدني ومنظم عليه أن يلتزم بقوانين ذلك المجتمع وأن يلتزم باعرافه الاجتماعية المتوافق عليها فحرية الرأي والتعبير من المفترض أن يحددها القانون, وألا تتجاوز الحريات الشخصية للآخرين, وألا تشوه سمعتهم أو تزدريهم أو تحط من قدرهم, ولقد وضعت القوانين التي تنظم استعمال حرية الرأي والتعبير بهدف الحفاظ على السلم المجتمعي, والوحدة الوطنية وتماسك المجتمع. ومن يتجاوز هذه الثوابت الوطنية لا يمارس حرية رأي وتعبير, بل يمارس الفوضى والعبث, ما يدل على عدم احترامه لما تتوافق عليه أغلبية أعضاء المجتمع.
وإذا جادل البعض بأن حرية الرأي والتعبير في المجتمع الديمقراطي من المفترض ألا يحدها أي قانون, فلينظر أحدهم الى ما يحدث يومياً في أعرق المجتمعات الديمقراطية الغربية! فليس من المنطق, مثلاً, أن يتخيل أحدهم أن في الغرب عموما يسمح لمن يشاء التعبير عما يشاء في أي سياق يشاء أو في أي وقت يشاء, فثمة قوانين تحدد طبيعة حرية الرأي والتعبير في أعرق الدول الديمقراطية, فما يتجاوز حريات الآخرين, أو ما يهدد السلم المجتمعي, أو ما يتعدى على الثوابت الرئيسية في المجتمع الديمقراطي المدني مثل حماية الخصوصية الشخصية, أو التسبب في إشعال الاضطرابات الاجتماعية تلجمه القوانين المعمول بها في تلك الدول المتقدمة.
ثمة تعبير قانوني في كثير من الديمقراطيات الغربية يتعلق بالإخلال بمبادئ السلم الاجتماعي, هو من يحرض الآخرين على العنف اللفظي والجسدي يهدد السلم المجتمعي ويعطل مسيرة الحياة اليومية في المجتمع. بل تستخدم كثير من الجهات الامنية والقانونية في الدول الديمقراطية تهمة “التحريض” Incitement وأحياناً بشكل موسع لوصف أي سلوك أو تصرف شخصاني وأناني يهدف لخلخلة الأمن النفسي في المجتمع.
وبالطبع, لا توجد شجاعة في سب الناس, وقذفهم, ورميهم بغير ما عملوا, فالإنسان الرزين, والعاقل, والديمقراطي فعلاً هو من يحافظ على حقوق الناس الآخرين, ولا يتعدى على كراماتهم الشخصية, ولا يزدريهم ولا يحط من قدرهم, بل هو من ينتقد بشكل بناء وليس بهدف الهدم واثارة القلاقل في المجتمع.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.