وضحة المضف: الغالبية والديكتاتور المتوحش

عندما كنت طفلة بريئة علمتني أمي على جمّعة العشاء إن أردت شيئا ما ألا أنتزعه من الطاولة بل يجب أن أطلب الحصول عليه وأن أسأل بأدب أيضا، وعندما كبرت تشابه الأمر علي وأنا أرى عصابات السياسة ينتزعون كل شيء من طاولة الوطن وبلا اكتراث، يسحلون الدستور بشكل قاسٍ لصالحهم، وبسرية أقسى يطعمونه لأفواه مدفوعة الثمن تبصق بنوده حسب الأجندة والأهواء.. هيه انتبهوا نحن هنا ونجرأ على الكلام والمجابهة.. لن نترككم تعربدون على طاولة الوطن وسيعيد الشعب تربيتكم سياسيا من جديد كتربية أمي السابقة لي وهي ببساطة «اسأل قبل أن تنتزع»، وهذا يسمى بالموافقة، أعني موافقة الشعب الذي لم تعد تنطلي عليه الشعارات المزعجة الكاذبة في مجتمع سياسي غير صادق إطلاقا، وغير مخلص لقضايا وطنه بتاتا ومرتبط بغايات وأهواء مبطنة.
فموافقة الشعب هي الكلمة التي يجب أن تقال في الوقت الراهن، فالشعب بدأ يعرف سماد الحصان السياسي عندما اشتم رائحة ذلك السماد «التجريح والتخوين والادعاء» وكان بحق نتن الرائحة، فمن الظلم أن ينشغل الوطن والمواطن بأسماء وأجندات سياسية لا تقدم ولا تؤخر في أساسيات مطالب الغالبية الصامتة التي تترقب الكثير من الغالبية البرلمانية الديكتاتورية، الذين تفننوا بتعبئة وحشد الجماهير ومارسوا هوايتهم المحببة وهي القفز على متون الحراك الوطني المستقل «وهنا أعني الشباب الوطني الحر لا صنيعة الغالبية ليحقق أجندتها» ليطلقوا أحاديث الإفك ويبيعوننا كل يوم كذبة، وبكل تأكيد هم لن يقوموا بحشد الجماهير للسبب الرئيسي وهو إعادة الإصلاح أو استرجاع ديموقراطيتنا بل كل أملهم أن نكون حمقى وأن يحافظوا على عقولنا بعيدا عن التساؤل عما يحدث في ديموقراطيتنا وأوهمونا وحذرونا بشكل صارم من السلطة بأنها لا تريد بنا وبديموقراطيتنا خيرا كما عبروا عنها بصراحة شديدة في ساحات التظاهر ليكتشف ذلك الحر الأبّي كم كان حُسن الظن بهم خائبا وإنهم ليسوا رؤوس الحربة النبلاء للديموقراطية وما هم إلا أدوات للبعض سيستغنون عنهم بعد أن يعتلوا قمة المشهد السياسي من جديد.
فنحن والوطن على كف ذلك الديكتاتور المتوحش الذي يحمل راية «أنا ومن بعدي الطوفان»، وجل همه أن يعود للواجهة السياسية بأي ثمن ونحن جل همنا أن نستعيد بلدنا وأنتم تريدون ذلك أيضا، ولكن من الذي سيعيدها لنا هل التيارات والكتل ونواب القوائم الواحدة أم الغالبية الديكتاتورية وبياناتهم المهترئة المشبعة بالتهديد والوعيد والتي تخلو من أي مشروع نهضوي إصلاحي شامل! أم الحكومات المتعاقبة العاجزة أم الغالبية الصامتة حينما تتمرد على صمتها؟!..، بالمناسبة يستحضرني قول الإسكندر الأكبر «لا أخاف جيشا من الأسود يقوده خروف، بل أخاف جيشا من الخراف يقوده أسد».. عموما ما زال الأمل يحدونا بأن يطرق الخل الوفي أبواب وطن النهار، والله المستعان والسلام ختام.

Tiwttre@wadhaAalmudhaf

walmudhafpen@hotmail.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.