وليد الجاسم: نار الأسد .. وصقيع الطبيعة

بعيداً عن عالم الاشاعات الهلامية والمترفة في الكويت.. خلونا في عالم الواقع القاسي للشعب السوري. الشعب السوري اليوم يبدو كمن تم اقتياده الى فخ الفوضى والخراب والدمار وصولاً الى حالة من فقدان الامل في القدرة على التخلص من الكابوس الكاتم على انفاس هذا الشعب.. سواء حزب البعث أو رئيسه بشار الأسد.
قبل سنوات، قال السيد حسن نصر الله بعدما ورط لبنان في حرب 2006.. قال (لو كنت اعلم.. لما فعلت)، لكن هذا القول الواقعي والصريح منه لم يلق اصداء عربية تواكبه آنذاك، بل على العكس اصروا على صناعة بطل كبير منه رغم اعترافهم بالخطأ، وقالوا فيه القصائد والمدائح، وملأت صوره ارجاء بلاد العرب كلها، وتفرغ الصحافيون والكتاب لسرد البطولات فيه بينما تفرغ الادباء لكيل قصائد المدائح والتعظيم.
لم يقبل احد واقعيته تلك ولم يشجعه احد على (جلد الذات) والاعتراف بالذنب، تماماً مثلما فعل المصريون عندما هتفوا (لا تتنحى) لجمال عبدالناصر رغم حروب الخسارة التي قادهم فيها حرباً تلو الاخرى، فالعرب لا يأبهون للنصر الحقيقي على ارض الواقع.. بل يكتفون ويهتزون طرباً لانتصارات وهمية ولفظية وبطولات كلامية ومواقع ورقية.. وأسلحة من أقلام أهل المدائح والتلميع. ويبدو أن هذا ما يجرون الشعب السوري نحوه هذه الأيام.
السيد حسن نصر الله ورط حزبه مثلما ورط بلاده بحرب لا قبل لهم بها، ربما تحقيقاً لاجندة إيرانية، ولكنهم بدلاً من أن يعاتبوه على ما أُزهق من ارواح وما أُهدر من اموال ومقدرات وما دُمِّر من البنى التحتية دون فائدة، بدلاً من أن يعاتبوه قالوا له.. (أرواحنا فداء تراب صرمايتك)، وبس!!
اليوم الشعب السوري المسكين يدفع لوحده ثمن استدراجه الى المواجهة مع نظام ظالم جائر جبار لا يرحم.. ومن استدرجوه أيضاً لا يحاسبون أنفسهم ولا يحاسبهم أحد، وكل ما فعلوه أنهم تركوا الشعب السوري يواجه مصيره ثم بدأوا البكاء عليه.. ولا بأس بقليل من العويل والنحيب لزوم اقناع الناس.. و«طز» في الآخرين ممن يفكرون ويحاسبون.. فهم أقلية منبوذة لا يهشون ولا ينشون.
شجعوا الشعب السوري على الحرب ثم تركوه.. صفقوا له وهو يواجه الغول المتوحش.. وهم يعلمون أن هذا الغول سيبطش به، ولكنهم لا يأبهون، والمؤسف أن من يقف اليوم وراء (الغول) ويدعمه هو حبيبهم بالأمس السيد حسن وهم أنفسهم من قالوا فيه المدائح.
يقول الله عز وجل في كتابه الحكيم: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل}، فهل اعد السوريون ومن شجعوهم العدة لمواجهة هذا المجرم الدموي الكاتم على انفاسهم؟
قد يقول قائل ان الآية الكريمة تقول {ما استطعتم}.. وهذه هي استطاعتهم.. ولهؤلاء اقول ان تكملة الآية الكريمة تقول {ترهبون به عدو الله وعدوكم}.
وبالتالي.. فإن القوة المُعدة يجب ان تكون كافية لجعل الرعب يدب في نفوس الاعداء.. والا كان خوض الحرب انتحارا.
سحقا لكل من تخلى عن الشعب السوري بعد ما حرَّضه على الثورة.. ثم تركه يواجه نار الأسد.. وصقيع الطبيعة.

وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
أنستغرام: @waleedjsm

المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.