صلاح الساير: مظلمة الضُبّان

أقدمت شركة نفط الكويت مشكورة على تشييد نُصب جميل للضبّ، فصار هذا النُصب قضية في بلادنا وكال الناس شتائم كثيرة لهذا المخلوق المسالم، أهمها قبح شكله وبشاعته، وتناسى القوم أن الضبّ لا يكذب مثل الإنسان، ولا يغتاب، أو يقتل أو يسرق أو يرتشي، أو غيرها من موبقات بشعة تجعل الضبّ أكثر جمالا من بعض البشر.
الضبّ عضاءة من زواحف البيئة الصحراوية، والجمع ضِباب وضُبّان، وقالت العرب أرض مضبّة كثيرة الضباب، ويكنى الضبّ أبا حِسْل. ومن الناس من يستخدم الزيت المستخرج من ذيله علاجا لبعض الأمراض، والكثير من البدو يأكلون ذيله وبعضهم يؤكد الفائدة من أكله، وقديما صنع البداة من جلده سعنا صغيرا يستخدم كوعاء جلدي لحفظ الأشياء.

كائن مسالم يعيش في الصحارى البعيدة، يأكل أعشابها الشحيحة ولا يهاجم البشر الذين يدهسونه ويطلقون النار عليه أو يغرقون جحره بالماء حتى كادت الضُبّان تنقرض بعد أن شكلت مطاردتها والركض خلفها في الماضي مسارح لطفولة العديد من الرجال وعلمتهم الإقدام وكيفية التصرف السريع للقبض على عنق الضبّ والتعامل الحذر مع ذيله لتفادي ضربته.

ومثلما اختلف الناس في عصرنا الراهن حول الضبّ، حيث يستلذ البعض بأكله ويعاف البعض الآخر رؤيته، كذلك اختلف القدماء حوله، فالأمثال العربية القديمة حملت قدحا صريحا به كقولهم «أضل من ضبّ»، وفي المقابل اعتقدت بعض الأقوام أنه مخلوق مقدس.

www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.