يقولون إن تاريخ الإنسانية هو تاريخ المرأة، وهي السلطة الأبدية للحياة، فمنذ قديم الزمان برز للوجود نظام الأبوة الذي جعل للمرأة منزلة أقل من الرجل رغم ظهور بعض الاستثناءات كملكة سبأ وسميراميس وكليوبترا.
وإذا كان حظها من التميز والإبداع ثانوياً فهذا ليس خطأها، لأن الرجل لم يُتح لها غير هذا الحيز الضيق.. في العصر الحديث تغير الحال، فلم تعد المرأة راحة المحارب، واختفى في الغرب مفهوم البارونة والدوقة والليدي والكونتيسة، وظهر مكانه مفهوم العالمة وأستاذة الجامعة والروائية والشاعرة والطبيبة والمهندسة، ولم تعد المرأة ذات الشعر القصير تُعجب بضفائر أمها أو أقربائها، وهي ترى نفسها في مقياس العلم الذي منحها المساواة والحرية، وأقام سلطانها وعزز إرادتها، لقد ولى زمن المكوك اليدوي الذي يغزل ببطء، والذي أثقل يديها الرقيقتين أمام المكوك الآلي الذي يعمل بلمسة زر. الحياة الآن تغيرت كثيراً، فلم تعد المرأة الجاهلة تقنع الرجل، رغم أن أمهاتنا بسبب الجهل الذي عاشوه قد أنتجن أجيالاً وربما علماء، ولكن هؤلاء لا يصلحون الآن لعالمنا، عالم التكنولوجيا المتطورة، فسرعان ما يقارن الرجل بين امرأته التي تتحدث عن الطبخ وخلافاتها مع الخادمة والسواق والثلاجة الخربانة، ومشاكل الأطفال وفساتينها وماكياجها، وحديثها عن زواج فلانة وطلاق علانة، وبين زميلته بالعمل والوظيفة، وهي تشرح آخر ما وصل إليه العلم من مخترعات أو تقدم في عالم الطب والهندسة، وتتنقل برشاقة في المعامل وغرف العمليات، ولا يشم رائحة الطبخ في فساتينها أو يسمع تفاهة أقوالها وأفكارها.
الخلاصة: يجب عدم الاستهانة بالمرأة المتعلمة، فإذا كانت امرأة جاهلة كالبسوس، قد أشعلت حرباً بين قبيلتي تغلب وبكر بن وائل، دامت أربعين سنة، وكانت في أقوالها من القوة ما يفوق المدفع، فماذا تتوقع من امرأة تملك علم الذرّة داخل دماغها؟!
د. صلاح العتيقي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق