ارتبط اسم جزيرة فيلكا لدى الكثير من الناس ببعض الغرائب.. أو ما يظنه الناس (كرامات) اختصت بها هذه الجزيرة الكويتية دوناً عن غيرها من الجزر التي تئن من الاهمال والنسيان رغم انها تصلح كمراكز ترفيهية رائعة في بلد يشكو أصلا من نقص مراكز الترفيه والترويح.
أخ وصديق وزميل فيلكاوي كان دائماً يردد مقولة بأن هذه الجزيرة لا يعيش فيها كلب (أجلكم الله) ولا ثعبان (حفظكم الله وايانا منه)، وان عدم قدرة هذه المخلوقات على العيش في الجزيرة لاسباب غير مفهومة.. ويمكن القول إنها من (كرامات) هذه الجزيرة.
بطبيعتي لا أحب التوسع في التفسيرات الغريبة وأحاول البحث عن أسباب موضوعية، ولهذا كنت أناقش الزميل وأقول له.. يا أخي يمكن لأن الجزيرة محدودة المساحة لا تتواجد فيها الكلاب الضالة خصوصاً إن كان أهل الجزيرة يكرهونها ولا يقومون بتربيتها.. أما عن الثعابين فمن يعلم.. قد تكون موجودة في الجزيرة ولكنك لم ترها.
مضت سنوات لم أناقش صديقي في ذلك، ولكن قبل يومين خطرت على بالي الجزيرة الجميلة فيلكا وتحسرت على استمرار حالة (الموت السريري) التي وضعت فيها قسراً بعد قرارات خاطئة بتهجير أهلها منها، فلم يكتب لها التعمير ولا العيش بالسلام الذي كانت تعرفه منذ قرون ثم فقدته منذ الغزو العراقي وحتى اليوم.
وصلت صباحا الى مكتبي.. تمعنت قليلا في زرقة السماء المزينة بالغيوم وتنفست من النسيم الشتوي العليل بعدما فتحت الشباك.. وجلست وسجلت على جانب ورقة امامي (إعدام فيلكا).. كملاحظة حتى لا انسى او انشغل في يومي عن البحث في الفكرة ومحاولة صياغة مقال عن الجزيرة التي أحبها وأتحسر عليها.
تداخلت الأحداث والاتصالات وكل ما مرت خمس دقائق يتصل متصل ليقول متسائلا: (ها بوخالد سمعت آخر إشاعة؟.. صج انه…. وفلان قال…. وعلان رد عليه وقال…. ويقولك عنده تسجيل فيه…. لكن الصوت مو واضح!!؛ وسط هذه الأجواء نسيت أن اكتب المقال.. وكان من بين الاتصالات التي تلقيتها اتصال من الاخ عباس عبدالله دشتي مدير متحف الخط الاسلامي حيث دار حديث عن طبيعة المتحف ومقتنياته.. ثم عرجنا بالحديث – لا أعرف كيف – الى صور لجزيرة فيلكا من بينها صورة لمقام الخضر بقبته الخضراء قبل ان يهدم، حيث كان هناك من يؤمنون بكرامات في هذا المقام ويزورونه توسلاً وطلباً للحاجات.
وانتهى الحوار الهاتفي السريع الذي ذكرني مصادفة بما أنوي أن أكتب عنه، ثم غصت من جديد في العمل اليومي التقليدي.. ونسيت تماما للمرة الثانية موضوع فيلكا!!
وهنا.. فُتِح باب المكتب.. فاذا بالاستاذة الاعلامية القديرة منى طالب في زيارة جميلة مفاجئة تجاذبنا خلالها اطراف الحوار في كثير من القضايا الآنية الحديثة، وفي كثير من الذكريات القديمة.. ولكن الغريب هو انها حدثتني عن (جزيرة فيلكا) فتذكرت من جديد ما كنت أنوي الكتابة عنه ونسيته مرتين، حدثتني عن قصر المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح، والماء الحلو الذي يمكن للسابحين في البحر ان يشربوه من بعض السواحل البحرية التي يطغى الماء الحلو الخارج من باطن الارض على الماء المالح المحيط به من البحر.
كما تحدثت عن التاريخ الطويل جداً لهذه الجزيرة والحضارات المتداخلة التي مرت عليها من حضارة ديلمون الى ذي القرنين الذي جاء (كما تقول الاستاذة منى) ليشاهد مشرق الشمس من المشرق عند فيلكا مثلما زار قبلها المغرب ليشاهد مغرب الشمس.
تقول الأستاذة منى.. لقد عَمَّر الإسكندر الأكبر في الجزيرة وجلب معه مزيجاً من الحضارات إليها.. ونحن هنا (هدمنا الكثير منها بسبب التخلف الفكري من البعض).
تعجبت من الصدفة.. كيف مرّ عليّ اتصال ثم.. زيارة.. وفي الحالتين كانت فيلكا من ضمن محاور الحديث وأنا كنت من الأصل أنوي الكتابة عنها، ولكن كلما نسيت.. جاء من يذكرني؟
استعدت شريط الذكريات.. وما يقولونه عن مقام الخضر.. وما يقولونه عن موت الكلاب والثعابين فيها.. ثم استعذت بالله من الشيطان الرجيم.. وكتبت هذا المقال.
إنها فيلكا يا كويت.. فلا تهملوها
فيلكا.. عبدالله السالم
فيلكا.. الماء الحلو
فيلكا.. التاريخ والآثار
فيلكا.. الاسكندر الأكبر
فيلكا.. أحلى الجزر
فكيف تتركون أحلى الجزر بهذا الشكل؟
.. شيابها ماتوا مهجرين خارجها.. والله حرام، الجيل الكويتي الجديد كله ربما لا يعرفها.. وهذا عيب.
كنتم تريدون تحويلها مركزاً ترفيهياً ولم تقدروا على ذلك، ولكن.. بإمكانكم ان تحولوها مركزاً ثقافياً كويتياً.. اجمعوا متاحف الكويت فيها.. والآثار القديمة.. وما تجدونه من آثار الصبية.. اجمعوه كله في هذه الجزيرة الحلوة.. واحيوها من جديد.
شكراً وزارة الإعلام
خطوة مباركة تلك التي أقدمت عليها وزارة الإعلام بإصدارها بياناً تنفي فيه الاشاعة المتداولة بقوة توازي انتشار النار في الهشيم حول خطاب مزعوم لسمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد حفظه الله ورعاه والادعاء بأن قرارات بالغة الأهمية ستعلن في هذا الخطاب. شكراً لوزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود وشكرا لوكيل الإعلام صلاح المباركي هذه الخطوة التي نتمنى أن يتم تعزيزها مستقبلا والإسراع بها قبل أن تستفحل الإشاعات والأخبار المضروبة.
وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
أنستغرام: @waleedjsm
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق