أحمد الجارالله: “الحكران يقطِّع المصران”

يعبر خوف البعض من الاشاعات، التي لا تنفك مخيلات مريضة عن ابتداعها، عن عدم ثبات القناعة لدى هؤلاء، بأن الكويت دولة مؤسسات، فما ان يسمعوا كلمة حتى يطالبوا مؤسسات الدولة كلها بالرد، وكأن لا شغل للديوان الاميري والحكومة والمؤسسات الاخرى إلا الرد على أباطيل لا يمكن لعاقل تصديقها مهما بلغت قوة حبكتها.
الاشاعات في الصراع السياسي مسألة بديهية، وهي سلاح المفلس، العاجز، المنبوذ الذي يسعى من خلالها الى الفتّ من عضد الفريق الاخر، وفي الاشهر الاخيرة سمعنا الكثير من الاقاويل أكان ما أسماه المنبوذون، شعبيا وسياسيا، النهب الممنهج للمال العام، او الفساد المستشري في مؤسسات الدولة ككل وغيرها كثير… لم يتركوا شاردة وواردة إلا وتحدثوا فيها، متهمين هذا وذاك بها، لكن في كل مرة كانت الوقائع تكذبهم، ومن دون ان تتكلف الحكومة عناء الرد على ترهاتهم، لذلك خيرا تفعل بالاستمرار على نهجها، لأن كما يقول المثل الشعبي “الحكران يقطع المصران”، وما هذه المزاعم من “المحكورين” إلا دليل على تقطع “مصارينهم” سياسيا وشعبيا.
وقديما قيل “حدث العاقل بما لا يعقل، فاذا صدق فلا عقل له”، وما يتداول عبر بعض وسائط الاتصال من ترهات عن مؤامرة ما على حكم البلاد، هو فيلم ركيك المضمون، والسيناريو، والاخراج. لقد أطلقوا إشاعة فيلمهم هذا منذ أسابيع، وهم لم يخفوا هويتهم، وقالوا ان هناك فيلما اذا أذيع سيقلب البلاد رأسا على عقب، لكن كل من اطلع على المتداول عبر وسائط الاتصال اكتشف مدى سخافة ذلك، ومدى سذاجة هؤلاء حتى في الكذب، وقلة حيلتهم التي تصل الى حد الغباء.
الكويت بلد ديمقراطي، وللديمقراطية وجهان، إيجابي وسلبي، وما نسمعه من فبركات، هو الجانب السلبي الذي لا يحتاج الى عناء كبير في دحضه، فكما صوبوا سهام مزاعمهم وأباطيلهم نحو سمو الشيخ ناصر المحمد، وتمادوا فيها الى حد صدقوا أكاذيبهم، وشكلوا لجان تحقيق عندما كانوا في البرلمان للتغرير بالناس والقول إنهم يمتلكون أدلة، متوهمين بامكانية وجود ما يشفي غليلهم، أطلقوا أيضا الاشاعات على صاحب السمو الأمير وولي عهده الامين، وكانوا في كل مرة يسقطون في شر أعمالهم، لان الكذوب يفضح نفسه بنفسه.
لا شك أننا في دولة مؤسسات، لكن حين تتخلى الحكومة عن دورها في تطبيق القانون تخسر هيبتها، واذا كانت فعلت خيرا في عدم التعليق على الاشاعات المعروفة الاهداف، فان ذلك لا يعفيها من تطبيق القانون على مطلقيها كي لا يتمادى هؤلاء، فتُخرس ألسنتهم، وتقطع دابر إشاعاتهم المسمومة.

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.