كثيرا ما تشغلني قضية الازدواجية الفكرية لدى كثير منا، مثل أن يحدد شخص ما موقفه من زعيم سياسي أو من حدث سياسي ما بالإيجاب أو الرفض، التأييد أو الاستنكار، ثم إذا حدث الحدث نفسه في مكان آخر أو من زعيم آخر بدل صاحب الموقف موقفه فإن كان مؤيدا هناك نجده رافضا هنا أو العكس.
نجد مثلا بعضا من مؤيدي الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، وقفوا ضد حزب الله اللبناني في حرب عام 2006 مع أن الرسالة واحدة والهدف واحد ومشترك بين عبدالناصر وحزب الله في معاداة اسرائيل!
وحينما زرت سورية قبل اعوام قليلة وقبل نشوب ثورتها فوجئت بارتباط السوريين بحزب الله وتأييدهم لزعيمه حسن نصرالله الذي لم تكن سيارة أجرة واحدة تخلو من صورة له، ثم رأينا كيف تحول المزاج الجمعي السوري ضد حزب الله وزعيمه، وذلك بعد وقوف حزب الله مع النظام في قمع الثورة السورية!
وفي الحقيقة فإن حزب الله منسجم مع نفسه ولم تتبدل مواقفه وماض في رسالته ولكن من كان يؤيده من السوريين هم الذين تبدلت مواقفهم، لأن نار الحزب لم تصلهم عام 2006 وما سبقه وما تلاه وكانت مقتصرة على لبنان فقط، ومادامت النار في بيت جاري ولم تحرق بيتي فهي برد وسلام ولكنها تتحول إلى جهنم حينما تصل ألسنتها إلى داري.
وفي سياق هذه الازدواجية وتعدد الموقف في الحدث الواحد، نجد أن البعض ممن يؤيدون الثورة السورية ويدافعون عن حق السوريين في الثورة يرفضون الثورة المصرية المباركة في 30 يونيو التي أسقطت الإخوان المسلمين.
وكذلك نجد أن بعض من أيد ثورة 25 يناير المصرية التي أسقطت «مبارك» رافضين للثورة التي أسقطت حكم الإخوان!
في مصر أيضا يثورون ضد «مبارك» أو الإخوان ويرفعون صور عبدالناصر، رغم توحد البنية السياسية بينهم هم الثلاثة في الانفراد بالسلطة، وإن كان«مبارك» أقلهم في هذا الشأن!
سوريون يثورون ضد «بشار الأسد» ويجعلون من «صدام حسين» مثلهم الأعلى رغم أن الأسد أقل بطشا وسوءا.
هي إذن أنانية إنسانية وليست موقفا مبدئيا.
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق