على مدى أكثر من أسبوع من الحوارات والنقاشات بشأن مقترح الدوائر الانتخابية، الذي قدمته وكتبته وتحدثت بشأنه، توصلت الى وجود تأييد واسع للمقترح بين العديد من قطاعات المجتمع وشخصيات عديدة من تياراته السياسية ووجوه عامة لها حضورها العام ودورها في العملية السياسية، بل وتأييد لافت بين القانونيين ممن كتب عنه أو ناقشني بخصوصه أو تبناه وبدأ طرحه بحواره مع الآخرين.
ويهمني في هذا الوقت أن أشير الى أن المقترح الذي قدمته يحقق مبادئ العدالة والمساواة ويجسد فكرة المواطنة الدستورية الصحيحة بالقضاء على عوامل تفتيتها قبليا أو طائفيا أو فئويا أو مناطقيا أو بأي عامل آخر، ويحقق مبدأ تمثيل عضو مجلس الأمة للأمة بأسرها المقرر بالدستور وتحديدا المادة 108 منه. كما أنه يضمن وحدة الصوت الانتخابي والتخلص من حالة الانتقاص منه المتمثلة بمنح الناخب قدرة تصويتية تمثل %40 من حقه الانتخابي بقصر مكنته على انتخاب 4 من 10 يمثلون دائرته، وكذلك التفاوت في عدد الناخبين في كل دائرة وما نجم عنه من تفاوت قيمة ووزن الصوت الانتخابي تجاوز مرتين ونصف المرة، بين دائرة وأخرى.
ومع ذلك أقول إن مقترحي ليس بالضرورة هو المقترح الأفضل لتعديل الدوائر الانتخابية، لكنه المقترح الوحيد الذي يتلافى المآخذ الدستورية التي يمكن أن تستخدم للطعن عليه، كما هو الشأن بخصوص قانون الدوائر الحالي، الى جوار وجود هذه المآخذ أيضاً بمقترح الدائرة الواحدة الذي يتم تداوله، اذ تلحقه عيوب عدم الدستورية بشأن انتقاص القدرة الانتخابية للناخب (لبعض المقترحات) وأخذه بقدرة تصويتية محدودة تتمثل بأربعة أو خمسة أصوات لخمسين مقعدا، أي بنسبة 8 او %10، وهو انتقاص غير دستوري ويهدر فكرة التمثيل النسبي من أساسها بسبب التقيد الذي قسم التمثيل النسبي الى أجزاء متناثرة تلاشى معها مفهوم التمثيل النسبي، وكذلك بشأن تفتيته لمبدأ تمثيل الأمة والمواطنة الدستورية لافساحه المجال للتكوينات الفئوية في الحلول مكان المواطنة الدستورية وهو ما يصمه بعيب عدم الدستورية. وأخيرا فان الارتباط المناطقي من حيث ممارسة الانتخاب يعيبه بتقييد الانتخاب وتجزئته.
وأخيراً، فان التحاور بشأن الآلية مهم، وأوجز ايضاحاتي بشأنه كما يلي: الخيار الأول اجراء انتخابات مقبلة على الدوائر الحالية يعرضها للالغاء حال الطعن بها، أما الثاني فهو تعديل قانونها من قبل مجلس 2009 وهو احتمال مستبعد، وأما الثالث فهو تعديله بمرسوم بقانون وهو يثير خلافاً لكنه ممكن دستوريا وقد يكون الخيار الوحيد المتاح، والرابع فقد تم طرحه بخيار الطعن بعدم دستورية قانون الدوائر الآن من قبل الحكومة لحسمه وهو يعني أن الحكم بعدم دستوريته بطلان انتخاب مجلس 2009 والعودة لقانون الدوائر الـ 25 وهو ما يفرض المعالجة بمرسوم بقانون مما يعني العودة للخيار الثالث.
أما عن فكرة القائمة المغلقة بالأغلبية النسبية فيكون الناجح فيها هو الأسبق حسب ترتيب الأسماء فيها بعدد مقعد واحد لكل %10 من أصوات الناخبين الممنوحة لها، في ظل خمس دوائر انتخابية تمثل كل منها جميع فئات المجتمع تحقيقا للمواطنة الدستورية بناء على التوزيع العشوائي استنادا ليوم الميلاد، وهو ما سيترتب عليه التمثيل العادل لكل أطياف المجتمع من دون اجحاف أو زيادة تحقيقا للعدالة والانصاف والمساواة.
اللهم اني بلغت،
أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع
dralmoqatei@almoqatei.net
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق