إبراهيم العوضي: التعديل خارج المجلس مرفوض

جميعنا يعلم أن النظام الحالي للدوائر الانتخابية لا يحقق مبدأ العدالة والمساواة الذي أكدت عليه المادة السابعة من الدستور، حيث يتنوع ويتباين عدد الناخبين بشكل كبير بين دائرة وأخرى، إضافة إلى أن هكذا دوائر بمثل هكذا تقسيمة قد ساهمت في اثارة البعد الطائفي والقبلي وساهمت في احداث خلل في النسيج الاجتماعي المترابط، كما انها شكلت واحدا من المسببات الأساسية في انتشار خطاب الكراهية البغيض الذي لم نعتد عليه من قبل. فعلى سبيل المثال، الدائرة الأولى هي دائرة تناحر واصطفاف طرفاه المذهبان السني والشيعي، اما الدائرة الثانية فنشهد بها سيطرة واضحة لطبقة التجار بالاضافة إلى الاسلاميين السلف منهم والاخوان، أما الدائرتان الرابعة والخامسة فيسيطرعلى كلتيهما عدد من القبائل، ويستثنى من ذلك الدائرة الثالثة نوعا ما.
الا انني أستغرب تلك الدعوات والايحاءات في هذا الوقت بالتحديد والتي أطلقت لتعديل الدوائر الانتخابية أو تعديل نظام التصويت من خلال اصدار قانون خلال فترة انعقاد مجلس 2009 المرفوض أو بعد حل المجلس وقبل الدعوة للانتخابات من خلال اصدار مرسوم ضرورة. فوضع البلد لا يحتمل وما سيحدث سيعتبر تحديا واضحا وصارخا لارادة الشعب الذي يعتبر مصدر السلطات جميعا، وهو اشارة واضحة لنية الحكومة لابعاد أكبر قدر ممكن من الغالبية والتي ان كنت لا أتفق مع بعض أشخاصها الا أن ذلك لا يعني أن يتم اسقاطهم بعيدا عن الارادة الشعبية. ان محاولة التلاعب في النظام الانتخابي الحالي سيزيد من حالة الاحتقان السياسي ويؤدي إلى زيادة التصادم الشعبي الحكومي، وسيؤدي إلى مزيد من التعطيل للخطط والمشاريع والى كبح عجلة التنمية، ونكررها مرارا وتكرارا بأنه يجب على الحكومة أن تعي ان أي مواجهة مع المواطنين ستكون فاشلة وخاسرة، وعليها أن تتعلم من أخطائها السابقة التي سئمنا من الاشارة اليها والتي كانت دائما هي فيها الطرف الخاسر.
كما استغرب ذلك الصمت التام والمطبق من قبل الحكومة حول موضوع تعديل الدوائر الانتخابية، ان من الأولى على الحكومة أن تقوم اما بارسال تطمينات إلى الشارع السياسي بأن لا تعديل سيتم على الدوائر الانتخابية أو أن هناك تعديلا سيتم بالفعل وعندها سيكون لكل حادثة حديث، أما ما ذكره وزير الاعلام الشيخ محمد عبدالله المبارك بأن الحكومة لم تناقش أو تتناول موضوع التعديل فهذا أمر غير مقبول وقد أعطى ايحاءات كثيرة للمواطنين بأن التعديل آتٍ وان الحكومة بمثل هذا التصريح تحاول جس نبض الشارع أو تهيئته لما هو قادم.
ان أي تعديل للدوائر الانتخابية يجب أن يكون تحت قبة قاعة عبدالله السالم ووفقا للارادة الشعبية المتمثلة باختيارات المواطنين من النواب، وأن يكون التعديل وفقا لمعطيات محددة ويجب أن يقوم على محددات مبنية على اساس تحقيق مبدأ العدالة والمساواة في توزيع الدوائر الانتخابية بحيث يتساوى أعداد الناخبين في جميع الدوائر، وأن يتم توزيع الدوائر بعيدا عن النفس الطائفي والقبلي والعنصري، وألا يكون النجاح مبنيا على نسبة منخفضة من الأصوات لأن ذلك سيعيدنا إلى المربع الأول القائم على شراء الأصوات وعلى تمرير المعاملات للحصول على رضى الناخب وصوته.

boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.