ندوة المليفي: بطلان الانتخابات المقبلة إذا أُجريت بنظام الدوائر الخمس

أكد المشاركون في ندوة «دستورية الدوائر الانتخابية» التي اقيمت بديوان المليفي بمنطقة العديلية أمس عدم دستورية قانون الدوائر الخمس الحالي لانعدام العدالة في توزيع الناخبين فيها وانه اذا تم الطعن بعدم دستوريتها بالمحكمة الدستورية فهناك امكانية ان تحكم المحكمة الدستورية ببطلان الانتخابات المقبلة،

لذلك يجب على الحكومة ان تستبق الانتخابات المقبلة والتقدم الى المحكمة الدستورية والاحتكام لها حول دستورية قانون الدوائر الخمس لتلافي اي طعون مستقبلية قد تبطل الانتخابات المقبلة.

وأكد النائب والوزير السابق أحمد المليفي ان عدم دستورية الدوائر الانتخابية أمر خطير جدا يؤثر في استقرار الديموقراطية واستمرارها، مشيرا الى أنه لا أحد يرضى بالوضع السياسي القائم في البلاد، فلا مجلس أمة ولا حكومة وهناك حالة من الفراغ الدستوري، فهل يرضى أحد ان نعود الى نفس الحالة وتتكرر الأزمة تلو الأخرى، وكل هذه الأزمات تأتي بالسلب على مصالح البلاد والعباد.

وقال المليفي: يجب التحرك للضغط على الحكومة لتحمل مسؤوليتها تجاه قضية الدوائر الانتخابية وأن تحسم موقفها بشأن هذه القضية، فالكويت لن تتحمل ان تعود مرة أخرى للمربع الأول بسبب العناد السياسي.

واضاف المليفي ان كتلة الأغلبية لديها تخوف على كراسيها اذا ما تم تعديل قانون توزيع الدوائر الخمس، وللأسف انهم يعتقدون ان تعديل الحكومة لهذا القانون يمثل ضربا للأغلبية، وكأن القضية صراع بين طرفين، متسائلا: هل نتفرج ونقف مكتوفي الأيدي تجاه هذا الأمر؟ لابد من التحرك وتطبيق مبدأ المكاشفة ولذلك يجب ان نتحمل جميعا المسؤولية تجاه عملية تعديل الدوائر الانتخابية الـ5 كي لا يتم الطعن على الانتخابات ومن ثم ابطال مجلس الأمة مرة أخرى ونعود ثانية الى المربع الأول.

وتابع المليفي: لقد تأخرنا في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتنموية والخدمية وأصبحت الكويت في حالة ركود بسبب الصراعات السياسية القائمة، والغريب العجيب ان كل طرف يلقي بالمسؤولية على الآخر، وخير أمثلة على ذلك فشل عدة مشاريع حيوية تم تعطيلها ولو نفذت لحققت نقلة اقتصادية كبيرة مثل مشاريع الداو كيميكال والمصفاة الرابعة وحقول الشمال وغيرها، علاوة على ذلك فإن وضع مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية مزرٍ للغاية لأن هناك من يسعون لمحاربة كل من يعمل لتطويرها بسبب التخوين والتشكيك في النوايا وبحجة محاربة الفساد.

واستدرك المليفي بقوله: لا يجوز السكوت على هذا الوضع، داعيا الى تكاتف جميع القوى السياسية لأجل مصلحة الكويت… والطامة الكبرى في الكويت هي أنه لا نتحرك الا عندما تحدث المشكلة ولا نقدم حلولا وقائية، وننتظر حتى تحدث الكارثة ثم نتحرك وهذا الكلام غير مقبول، وبالنسبة لنظام الدوائر الانتخابية الـ5 فهو غير دستوري كما ذكر اكثر من فقيه دستوري ولذلك يجب علينا ان نتحرك ويجب على الحكومة ان تتحرك وتقوم باحالة قانون الدوائر الـ5 الى المحكمة الدستورية لكي تبت في دستوريته من عدمها ويجب على الجميع ان يرضى بحكم المحكمة، ولذلك يجب على جميع الأطراف تحمل المسؤولية السياسية ويجب عدم تعليق الأمور بهذه الطريقة.

وذكر المليفي: من حق الجميع التحدث بصوت عال وابداء آرائهم وأفكارهم، ولكن ليس عليهم الحجر على آراء الآخرين، داعيا الى ضرورة احترام ارادة الأمة، ويجب ألا نكون سلبيين ومن ثم نقول القرار اختطف الكويت، نحن في مرحلة حرجة وخطيرة وأصبحنا في فترة أصبح فيها العمل السياسي هو الغالب على الجانب الفني ولقد أصبح الصراع السياسي هو السائد بصرف النظر عن تغليب المصلحة العامة، لقد حدث تدخل في كل شيء حتى في أعمال القضاء، ليس صحيحا وليس من الوطنية ان نرى البلاد تتمزق بسبب العناد والصراع السياسي وابتعاد الحكمة والعقلانية.

ودعا المليفي الحكومة الى الاحتكام الى المحكمة الدستورية للبت في قانون توزيع الدوائر الحالي والأخذ برأي المحكمة، مطالبا بضرورة التحرك، فالأغلبية الصامتة مثل الريح لا تراها ولكن يجب ان تنحني لها، لذلك يجب التحرك والتكاتف لأجل الكويت.

عوار

ومن جانبه أكد الخبير الدستوري الأستاذ الدكتور محمد المقاطع ان قانون الدوائر الخمس الانتخابي معيب وبه عوار دستوري نظرا لأنه يكرس الفئوية والقبلية والطائفية والمناطقية مشيرا الى ان هذا القانون جاء بنفس سلبيات الدوائر الـ25 لذلك فالدوائر الخمس وليدة الدوائر الـ25 التي قسمت البلاد الى فئات وأشلاء وأجزاء وفئوية موضحا ان هذا التقسيم عبثي ولا يراعي العدالة في توزيع الأصوات على مناطق الدوائر لافتا الى أنه لو أجريت الانتخابات مستقبلا ستكون اجراءاتها باطلة ويمكن الطعن عليها لو تم اجراؤها بنظام الدوائر الـ 5.

وأضاف المقاطع: سبق ان حذرت مرارا وتكرارا من عدم دستورية قانون الانتخابات الحالي، وسبق ان حذرت كذلك من ان اجراءات الانتخابات السابقة يمكن الطعن عليها لافتا الى ان حكم المحكمة الدستورية إبطال العمل ببرلمان 2012 واعادة العمل ببرلمان 2009 كان صحيحا من الناحية الدستورية ولا غبار عليه ويعد سابقة تاريخية يمكن الاستشهاد والاستدلال بها مستقبلا.
وأشار المقاطع الى ان الدوائر الخمس جاءت بنفس سلبيات الـ25 وقسمت المناطق تقسيما عبثيا تحكميا يقضي على المواطنة الدستورية ووحدة الوطن واستقراره وتماسكه وذلك أمر خطير حتى انتشر خطاب الفئة والمجموعة والقبيلة والطائفة بعيدا عن المصلحة العامة للكويت.

ولفت المقاطع الى أنه عند الانتقال من نظام الدوائر الـ25 الى الدوائر الـ5 تم الابقاء على نفس التركيبة والابقاء على الترضيات لهذا وذاك والابقاء على نفس المساوئ والسلبيات، وزاد على ذلك مسألة الارتجال التشريعي، وتم سلق التشريع وقالوا «نبيها 5»، ولذلك خرجت الـ5 من رحم الـ25 بنفس تركيبتها وعيوبها ومساوئها وهذا يساهم في الجانب غير الدستوري للدوائر الخمس.

وبين المقاطع: أنه في نظام الدوائر الـ25 كان الناخب يختار نائبين بينما في نظام الـ5 يختار الناخب أربعة نواب موضحا ان الناخب لا يستطيع ان ينتخب الستة الباقين من العشر المفترض انتخابهم على مستوى أي دائرة وبذلك يكون الانتخاب غير دستوري واجراءاته باطلة ويصبح النائب ممثلا لـ%40 من الشعب وليس الشعب بأكمله، وهناك عدم عدالة في توزيع الناخبين على الدوائر الخمس لقيمة ووزن الصوت الانتخابي ويعد ذلك اخلالا بمبدأ الانتخاب كما يخل بالمساواة والعدالة.

واضاف المقاطع: لقد سئلت من قبل المعنيين حول مدى دستورية مجلس 2012 فأوضحت لهم أنه باطل دستوريا ولا زلت أؤكد ذلك فموقفي تجاه عدم دستورية الدوائر الـ5 قائم منذ أمد بعيد، ولكن الناس لم تكن تريد ان تسمع ما قلته بسبب الزخم والضجيج والانتخابي وعدم متابعتهم لكتاباتي السابقة، والآن نحن أمام قانون غير دستوري، والحل هو التخلي عن دفن رؤوسنا في الرمال، فلابد من ان نبحث عن الحل، ومن الممكن ان يقوم مجلس 2009 بهذا الحل دستوريا وقانونيا.

وأوضح المقاطع ان المراسيم بقوانين الضرورة من الممكن ان تعدل النظام الانتخابي مبينا أنه تم اصدار مراسيم بقوانين تم من خلالها تعديل نظام الانتخابات في عام 1981، متسائلا: فهل يعقل ان يكون ذلك حلال في الوقت السابق وحرام في الوقت الحالي؟!
وتابع: هناك حل آخر وهو التحرك باقناع الحكومة بعدم دستورية الدوائر الـ5، ونحمل الجميع المسؤولية اذا ما تم تحصين الدوائر الـ5 والدفاع عنها، ولذلك سيكون هناك استمرار للطعن على الانتخابات ومن الممكن ان يحل مجلس الأمة مرة أخرى كما تم حل مجلس 2012، ولابد من «زهاب الدورة قبل القلعة».

شكر

بدوره قال الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي أعتقد أنه يجب ان نشكر المحكمة الدستورية موضحا ان العجز الدستوري واضح والكل يعرفه وذلك لعدم المساواة وعدم تقارب الأصوات بين الناخبين وفارق %250 لا يمكن ان يكون في حدود المعقول وانما استغلال السياسي للتكسب الانتخابي، ويقف الأمر عند هذا الحد مع أنه كان بالامكان تعديل قانون الدوائر الانتخابية الـ5 من خلال الذين وصلوا الى مجلس الأمة.

وأوضح الفيلي ان المحكمة الدستوية أخذت منحى الحياد في الدعوى القضائية ومنذ عام 2000 أخذت المحكمة الدستورية تنفذ الأحكام تدريجيا لتفعيل الدستور وأخيرا كسرت أحد الأصنام، فكل الشكر للمحكمة الدستورية التي جعلت الأمر واقعيا لاستبيان عدم دستورية انتخابات 2012 ومن ثم كان قرارها جرئيا بابطال مجلس 2012 واعادة مجلس 2009، واتضح كذلك عدم دستورية قانون الدوائر الـ5، لافتا الى ان السياسيين لم يقوموا بتغيير قانون الانتخابات، فمبدأ المساواة ومسؤولية النائب للناخبين أصبحت غير مجزية ولابد من تعديل القانون الانتخابي بتشريع، والسلطة التنفيذية يجب ان تكون تحت رقابة القضاء الدستوري.
وبين الفيلي أنه ليس من المهم عدد الدوائر ان كانت خمسا أو دائرة واحدة أو عشرا لكن المهم هو وجوب الاعتياد بمبدأ المساواة، والمهم أيضا ان تعكس الانتخابات بصدق ارادة الناخبين، ويجب الرضوخ للأمر الواقعي، مؤكدا ان أي انتخابات وفق النظام الحالي معرضة للطعن والالغاء ولدينا التجربة.

وتساءل الفيلي: كيف نجنب العملية الانتخابية أضرار اللجوء للقانون، لافتا الى ان مجلس 2009 يمكن ان يجتمع ويشرع حل مشكلة الدوائر، ومثلما ان هناك بعض النواب السيئين في مجلس 2009 وحولهم شبهات فان هناك نوابا كان أداؤهم سيئا في مجلس 2012 وكذلك تحوم حول بعض نوابه شبهات.

وقال الفيلي: ان الأدبيات توضح أنه على الجميع احترام القضاء والدستور، مؤكدا ان بعض الفقهاء الدستوريين قد يفسرون بعض المواد طبقا لتوجهاتهم السياسية وليس طبقا للدستور والقانون وقد يقومون بتعديل مادة مخالفة للدستور ويقولون يمكن تعديلها أمام مشروع عادي، فهؤلاء يقدمون قناعتهم السياسية بصرف النظر عن الجانب القضائي، انهم يريدون ان يأخذوا من الدستور ما هو في صالحهم ولا يريدون الانصياع له.

وبين الفيلي ان الحكومة لا تريد ان تضع يدها في عملية تعديل الدوائر الخمس الانتخابية لذلك يجب عليها ان تؤكد عدم دستورية قانون الدوائر الـ5 لأن ذلك سيؤثر سلبا في اجراءات الانتخابات حيث يمكن الطعن عليها، ولذلك يجب تحصين العملية الانتخابية، وكذلك يجب الاحتكام للمحكمة الدستورية في مدى دستورية أو عدم دستورية قانون الدوائر الخمس، وبذلك سنخرج من الخلافات القائمة حول التعديل أو الابقاء على الدوائر الـ5 فلو حكمت المحكمة بدستورية الدوائر الـ5 كان بها، ولو حكمت بعدم دستوريتها فانه يتم اصدار مرسوم ضرورة ووضع تشريع جديد لنظام الانتخابات وتعديله بمرسوم ضرورة.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.