| كتب عبدالله فهمي |
وكيل «الداخلية» بصفته: أفعال الجناة لم ترتكب
أثناء تأدية وظيفتهم ولا تحت رقابة الوزارةبتأييد محكمة التمييز حكم الاستئناف القاضي بإعدام ضابطين دينا بقتل المواطن محمد الميموني تعذيباً في السابع عشر من يونيو العام 2013، ظن الجميع أن الستار أسدل في هذه القضية التي شغلت الرأي العام، لجهة كونها كانت غريبة على المجتمع الكويتي، الذي صُدم بحادثة ضرب مواطن على أيدي رجال أمن حتى الموت لإجباره على الاعتراف بالاتجار في الخمور… لكن حكماً جديداً لم يسلط عليه الإعلام الضوء يقضي بتغريم وزارة الداخلية بصفتها مبلغ 80 ألف دينار تعويضاً لأسرة الميموني يعيد القضية إلى دائرة الضوء.
قضية الميموني اليوم تفرض نفسها من جديد لأن المطالب بدفع التعويض لورثته وزارة الداخلية وليس الجناة الذين ارتكبوا جريمة القتل، لاعتبار أن الوزارة مسؤولة عن منتسبيها كما جاء في حيثيات حكم الاستئناف.
القضية التي يعود تاريخها إلى أكثر من أربع سنوات وبالتحديد في يناير من العام 2011 حين ألقى رجال أمن القبض على المواطن محمد الميموني، ولما فشلوا في جعله يعترف بتهمة الاتجار في الخمور كبلوا -حسب ما جاء في تحريات النيابة- يديه، وأوثقوا ساقيه، وعصبوا عينيه وراحوا ينهالون عليه ركلاً وضرباً بأيديهم وباستخدام عصي وهراوات وخرطوم على رأسه، ومختلف أجزاء جسده، كما أنهم علقوه من يديه تارة ومن أسفل إبطيه تارة أخرى، بل لم يكتف الجناة بذلك بل امتنعوا عن عمد عن إسعافه ما تسبب في موته وفق ما جاء في تقرير الطب الشرعي حينئذ، وزاد الجناة الطين بلة حين قاموا بالتزوير في محضر الضبط والتحريات.
أحيلت القضية على المحكمة وبعد استنفاد كل درجات التقاضي جاء حكم محكمة التمييز بتاريخ 17 يونيو 2013 مؤيداً لحكم محكمة الاستئناف القاضي بتوقيع عقوبة الإعدام على المتهمين الرئيسيين في القضية وهما ضابطان في جهاز الشرطة، ليسدل القضاء العادل الستار -أو هكذا ظننا- على قضية طالما شغلت الرأي العام، ولكن ما حدث قبل شهر يظهر خلاف ذلك حيث إنه بعد إدانة ضابطي الشرطة واخرين في قتل الميموني، أقامت أرملته قضية تعويض بقيمة مليون دينار على وكيل وزارة الداخلية بصفته، بسبب ما لحقها وابناها القاصران من أضرار مادية وأدبية جراء مقتل عائلهم.
وفي تاريخ 30 ديسمبر من العام 2015 جاء حكم محكمة أول درجة بإلزام وكيل وزارة الداخلية تعويض أسرة الميموني بمبلغ 70 ألف دينار، 50 ألفا منها تعويض مادي والعشرون الأخرى أدبي، لكن أرملة الميموني لم ترتض هذا الحكم، ومن ثم قامت بالطعن عليه بالاستئناف مطالبة في دعواها بما سبق وأن طالبت به وهو مبلغ مليون دينار.
وفي المقابل فإن وكيل وزارة الداخلية بصفته لم يرتضِ هو الآخر بالحكم معتبراً في دعواه أن الوزارة ليست مسؤولة عن أفعال منتسبيها، ومدعياً أن الأفعال غير المشروعة والمسببة للضرر خطأ شخصي لا تُسأل عنه الوزارة كون هذه الأفعال قام بها الجناة لم ترتكب أثناء تأدية وظيفتهم أو في مكان عملهم، كما أنها لم تحدث تحت رقابة الوزارة، فقام بالطعن على حكم أول درجة باستئناف مقابل.
كما اعتبر وزير الداخلية بصفته في استئنافه المقدم المبلغ الذي قضت به محكمة أول درجة وهو 70 ألف دينار بشقيه المادي والأدبي مبالغا فيه، وهو ما يقضي بضرورة النزول به إلى القدر المناسب الجابر للضرر دون زيادة أو مبالغة.
وبعد قبول محكمة الاستئناف الطعنين المقدمين من ورثة الميموني ووكيل وزارة الداخلية بصفته، والنظر في دفوع كل منهما ارتأت أن الدفع الذي أبداه وكيل وزارة الداخلية بصفته من أن الخطأ الواقع من تابعيها خطأ شخصي في غير محله كون «المتبوع» مسؤولاً عن الضرر الذي يحدثه «تابعه» بنص القانون، متى كان الضرر الواقع منه في أداء وظيفته أو بسببها، من جانب أن مسؤولية الخطأ من جانب المتبوع ترجع إلى سوء اختياره لتابعه.
كما ارتأت محكمة الاستئناف أن المجني عليه كان هو المكلف شرعاً وقانوناً بالإنفاق على زوجته وابنيه القاصرين، وقد سقط هذا التكليف بمقتله، فإنها تستحق تعويضاً مادياً وأدبياً عما لحقها من أضرار، وبما أن ما قضت به محكمة أول درجة من تعويض هو 70 ألف دينار لا يتناسب مع جسامة الجرم، وما سببه لأرملة الميموني من حزن وحسرة وآلام لفقد زوجها وعائلها وسندها، فقد حكمت المحكمة بزيادة ما قضي به من تعويض وجعله 80 ألفاً يلزم وكيل وزارة الداخلية بصفته بدفعه».
قم بكتابة اول تعليق