دييغو باريا |
من المرجح أن تظل سوق النفط الخام متقلبة في المستقبل المنظور، تدفع وتسحب من قبل عدد لا يحصى من القوى المتعارضة الكبيرة. الآفاق المستقبلية الغامضة الى حد كبير أحدثت استقطابا بين المشاركين في السوق فيما يخص توقعات الأسعار لعام 2020، وهي فترة مهمة للتقييم وقرارات الاستثمار.
معسكر المتفائلين بالصعود، الذي يتضمن أوبك وادارة معلومات الطاقة الأميركية، عزز السعر المستهدف عند 80 دولارا للبرميل بحلول عام 2020، استنادا في الأساس الى «المعركة من أجل المعروض» (المنافسة بين الدول المنتجة للنفط والتكنولوجيا). ويجادل هذا المعسكر بأن انخفاض الأسعار سيؤدي الى تأجيل الاستثمارات أو الغائها وفقدان دائم للطاقة الانتاجية، الى جانب التوقعات المتفائلة بخصوص الطلب على النفط، من شأنها أن تسمح لمنظمة أوبك باستعادة السيطرة.
وفي الوقت نفسه، يعتقد المعسكر الذي يتوقع هبوط الأسعار بـفكرة «أسعار منخفضة لمدة أطول»، من دون السعر الفوري الحالي، وأقل بكثير من 50 دولارا المقدر حاليا بالعقود الآجلة لعام 2010. هذا الرأي يقر بوجود «معركة من أجل المعروض»، ليس فقط بالنسبة للنفط الخام، ولكن أيضا على الغاز الطبيعي، و«معركة من أجل الطلب»، حيث المنتجات النفطية المكررة (مثل البنزين والديزل ووقود الطائرات) تتنافس للحصول على حصة في سوق الطلب من قطاع النقل مع مصادر الطاقة البديلة والتقنيات (مثل الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجددة والكهرباء / البطاريات). هذا التغيير الجذري من شأنه أن يحدث تآكلا في سلطة اوبك.
الصمود في المعركة من أجل المعروض كان مدهشا. اذ يتفق الكثير من المتفائلين بالصعود الذي يحظون بالاحترام على أن التكسير والنفط الصخري، يعتبران في البداية «خدعة»، غيرا من قواعد اللعبة. وكان عبد الله البدري، الأمين العام لمنظمة أوبك قال اخيرا «عند 60 دولارا لبرميل النفط، فان جزءا كبيرا من انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة قد يعود في غضون ستة أشهر».
«سقف الصخري» حل محل «الحد الأدني للسعر المسموح به من قبل أوبك»، الذي وفر شعورا زائفا بالحماية حتى 29 نوفمبر 2014، عندما قررت السعودية «ترك قوى السوق تحدد السعر».
نهاية احتكار منظمة أوبك وانهيار أسعار النفط ووفرة الغاز الطبيعي وانهيار أسعار الغاز الطبيعي المسال، وظهور «إنرجي برودباند» (شبكة عالمية لاتصالات البرودباند عالية السرعة) ونهاية احتكار النفط الخام للطلب من وسائل النقل كانت طرحت من قبل دانيال أكال وكاتب هذا المقال في كتابنا The Energy World is Flat.
وضعنا في الكتاب الخطوط العريضة لاطار شامل من القوى التى تعمل على خفض واعادة أسعار الطاقة الى وضعها الطبيعي الثابت، حتى وان عملت الجغرافيا السياسية أو أي أحداث أخرى على رفع الأسعار على المدى القصير. هذه العوامل من شأنها أن تغير عالم الطاقة عن طريق اثنين من الديناميات: اعادة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية عبر مختلف أنواع الطاقة (تقارب الطاقة البيني)، حيث كان أول الخاسرين الفحم والنفط الخام، واعادة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية عبر المناطق (التقارب داخل الطاقة)، حيث كان الخاسر الرئيسي هو الغاز الطبيعي المسال.
ويجادل مناصرو المعركة من أجل الطلب، وهي محور رئيسي في الكتاب، بأن هيمنة أوبك لا تتعلّق باحتكار المعروض فقط، بل الأهم هي أنها تدور حول احتكار طلب قطاع النقل على الطاقة الذي، الى جانب الطاقة الانتاجية الهيكلية المفرطة في مجالات التكرير، سمح لأوبك في الاستحواذ على جزء كبير من الريع الاقتصادي من المستهلكين وشركات التكرير على مدى عقود.
ومع التركيز على المعروض، فإن اعتبار الطلب على النفط وحصتها في السوق من طلب قطاع النقل أمرا مفروغا منه، يمكن أن يكون خطيرا، لأنه «من دون وجود طلب، فإن النفط الخام لا قيمة له، بغض النظر عن التكلفة». هذا هو السبب، في التناقض الصارخ مع أنصار «نظرية ذروة النفط»، ونرى أن «آخر برميل من النفط لن تكون قيمته بالملايين، بل ستكون قيمته صفراً». وجهة النظر القائمة على عالم يقوده الطلب هي مديح لزملائي المهندسين وقوة التكنولوجيا التي لاهوادة فيها، العامل الأقوى في إعادة أسعار النفط الى مستويات ثابتة طبيعية.
المستهلكون لا يحتاجون النفط في حد ذاته، هم بحاجة الى وسائل النقل. واذا وجدوا وسيلة أرخص وأنظف وأكثر موثوقية لتلبية احتياجات النقل، فإنهم سيتغيرون.
فلننظر الى نجاح سيارة تسلا لأنه يتخطى حدود السيارات الكهربائية والبطاريات، أو الدورة السوبر في امدادات الغاز الطبيعي المسال والغاز الطبيعي وامداد العالم بغاز طبيعي وفير يمكن الاعتماد عليه ورخيص، ربما بسعر يعادل أقل من 20 دولاراً لبرميل النفط في المستقبل المنظور.
ثم هناك قوة مثبطة للأسعار لا هوادة فيها من الطاقات المتجددة، حيث تحل الطاقة الشمسية محل الطلب على النفط لتوليد الكهرباء في منطقة الشرق الأوسط. تذكروا أن أسعار السلع الأساسية يدفعها الاقتصاد غير المنظم. مجرد زيادة بنسبة %2 في الامدادات أدت الى انهيار بنسبة %70 في أسعار النفط. عملية احلال مشابه صغيرة يمكن أن يكون لها التأثير نفسه.
لذا، علينا مراقبة ليس الطلب في قطاع النقل فقط، ولكن أيضا الحصة السوقية لمنتجات النفط المكررة. اذ لم تعد هي نفسها. الآثار والفرص داخل وخارج أسواق الطاقة هائلة.
قم بكتابة اول تعليق