أفتقد، رغم عشقي «للانستغرام» ووجودي في «تويتر»، الصدق والحميمية في الصداقة، أفتقد هذه السعادة في وصول رسالة لي شخصيا، وليس عبر مجموعة رسائل مكررة ترسل لغيري من الأشخاص.
سعيدة حالي كحال الآخرين بمواقع التواصل الاجتماعي من “توتير” و”انستغرام” وما إلى ذلك، وأشعر دوما بتلك الحاجة الملحة إلى رؤية ما هو جديد، أو ما هي الصور الجديدة لناس يهمني أمورهم أو حتى لا يهمني أمرهم. تلك المواقع لها فضل كبير بجمعي بكثير من صديقات الطفولة والدراسة، وزميلاتي وزملائي من جميع مواقع دراستي وعملي، أرى تطور حياتهم، وما آلت إليه ملامحهم وصور أبنائهم، وحتى ما يتناولون من أطعمة، وذلك تواصل جميل وبسيط، جعلنا نحيي علاقاتنا المنسية منذ سنوات، ولكن وجود تلك الصور وهذه الكمية من التغريدات التي تحمل أفكاراً ويوميات للأشخاص الذين نتابعهم جعلتنا نستغني عن رؤيتهم في الواقع. جعلتنا نسعد بالتواصل عبر الشاشة، فما عادت هناك رغبة ملحة أو شوق لرؤيتهم، من بعد غياب قد دام لسنوات مع بعضهم، بل جعلتنا نكتفي بتواصلنا عبر شاشات التلفونات. بتنا نتكلم بلغة “عسى ما شر وين صورك في انستغرام؟ وين الغيبة في توتير؟”، وباتت هذه الجمل تشبه كثيرا كيف حالك؟ وما هي آخر أخبارك؟ رغم التواصل باتت هناك فجوة في أن تكون علاقاتنا مع أشخاص نعرفهم حقيقية، باتت أشبه بعلاقة إلكترونية بحتة، فكثرة الوجود جعلتنا نكتفي بهذا القدر من التواصل، ومع الأسف بتنا مدمنين على مواقع التواصل الاجتماعي، فلا نستغني عنها، وحتى إن خرجنا مع أصدقائنا اليوميين الحقيقيين، نمسك هواتفنا جميعا لنرى صور الآخرين أو لنصور ما يحدث الآن. أفتقد، رغم عشقي “للانستغرام” ووجودي في “تويتر”، الصدق والحميمية في الصداقة، أفتقد هذه السعادة في وصول رسالة لي شخصيا، وليس عبر مجموعة رسائل مكررة ترسل لغيري من الأشخاص. افتقدت ذلك الشعور بأن من يذكرني سيجدني ويخاطبني عن ذكريات لنا لا عن صور أو تغريدة تشارك الآلاف فيها معنا. أفتقد البساطة في التواصل رغم إدماني للحداثة فيها، مشاعر متناقضة أشعر بها تجاه هذا التطور السريع في التواصل مع الآخرين.
قفلة: أود أن أبارك للجميع بحلول شهر رمضان الفضيل، وأتمنى ألا نسرف في موائدنا ولا نفقد أعصابنا في صيامنا، ونحاول أن نساعد إخواننا الجائعين على مدار العام في الكويت أو خارجها.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق