فيما يشبه الاجماع على ضرورة التعديل على قانون الدوائر الانتخابية ابدى عدد من النواب آراءهم حول هذه القضية الشائكة التي خطفت الشارع السياسي على مدار الاسابيع الماضية، واتفق اكثر من نائب على عدم دستورية النظام الانتخابي الحالي وفق الدوائر الخمس وتصويت الناخب لاربعة مرشحين، مؤكدين ان ذلك يفتقد الى العدالة والمساواة والحيادية ويعمق الفكر القبلي والطائفي والفئوي، كما انه يحرم شريحة من المواطنين من المشاركة في العملية السياسية ودعا غير نائب الى ضرورة اجراء الحكومة لدراسة وافية لاي نظام انتخابي جديد، وذلك لتلافي الدخول في أتون عدم الدستورية، ومن ثم العودة الى المربع الاول الحالي.
وفي هذا الصدد أكدت النائبة د.معصومة المبارك ان العلة ليست في النصوص بل في النفوس، لافتة الى ان السلبيات تكمن بان عقلية الناخبين ليست ناضجة وان المشكلة ليست بالدوائر أو تقليص الاصوات.
وقالت المبارك : اذا كان هناك بالفعل تعديل للدوائر بأي اتجاه كان فان هذا الموضوع يجب ان يدرس دراسة مستفيضة ومتأنية مع الاخذ بالاعتبار ان ما نعاني منه ليست سببه الجانب العددي بل يجب الاخذ بعين الاعتبار القرب الجغرافي.
واشارت الى ان أي تعديل على الوضع الانتخابي الحالي يجب ان يقدم بمشروع قانون الى مجلس الامة ليتم تعديله من خلال المجلس مع العلم بان أي تعديل سوف يدخلنا في دوامة لها أول وليس لها آخر، مشددة على انه اما ان تبقى اوضاع الدوائر والاصوات على ما هي عليه الآن او ان يعرض على المجلس أي تعديل مقبل حتى يتم دراسته باستفاضة لانه لا يمكن لأي مجلس دراسة مثل هذا الامر بيوم أو يومين كما ان الامر لن يؤدي الى النتيجة المطلوبة من العدالة والمساواة والقضاء على السلبيات.
واوضحت المبارك ان عقلية الناخبين ليست ناضجة والمطلوب ان نرتقي الى الانتخابات عن طريق الكفاءة بدلا من التركيز اثناء التصويت على القبيلة والانتماء المناطقي والحزبي وغيرها من السلبيات الحالية، مؤكدة انه لا يجب الاعتقاد بان هذا التعديل ستختفي معه السلبيات بل هذا الامر قد يكون مستحيلا.
وبدوره اكد النائب والوزير السابق احمد المليفي حاجة البلاد الملحة لاجراء تعديل على قانون الدوائر الانتخابية، مشيرا الى ان هناك كلاما «كبيرا» على عدم دستوريتها والتغاضي عن ذلك بعدم التعامل معه بجدية او بعناد ليس لمصلحة الكويت واستقرار العمل البرلماني، لافتا الى ان ابقاء الوضع على ما هو عليه قد يعيدنا مرة اخرى للمربع الاول ولا احد يريد ذلك.
واضاف المليفي في تصريح خاص لـ«الوطن» انه لابد من حسم هذا الامر بالذهاب الى المحكمة الدستورية، مشيرا الى ان المحكمة اذا حكمت بعدم دستورية القانون الحالي فلابد من تعديله، فهذه فرصة لاعادة دراسة الدوائر الخمس واخراج البلاد من عنق الزجاجة بعد تفتت الدوائر الى طائفية وقبلية وفئوية.
وذكر المليفي ان المساواة مطلوبة بين الدوائر ولكنها ليست كل شيء وليست الوحيدة في المعالجة، فالمطلوب ان يصوت المجتمع حسب الفكر والقناعة وليس وفقا للعصبية القبلية أو الطائفية.
واضاف: لا نريد ان يكون تفكير الاغلبية بأن أي تعديل بالدوائر هدفه ضرب مقاعدهم، كما لا نريد ايضا ان يكون هدف الحكومة من التعديل تفتيت الاغلبية، داعيا للتفكير في كيفية انقاذ البلد من الطرح القبلي والطائفي والفئوي، وان لا يكون الهدف تغيير الاشخاص التي هي بيد الناخب وتختلف من انتخابات الى اخرى، ولكن لابد من اجراء يبدد المخاوف من الطعن في نتائج الانتخابات المقبلة، ومن الضروري التفكير في اخراج البلاد من عنق الزجاجة وانقاذها من حالة عدم الاستقرار وتعزيز تجربتنا الديموقراطية بمعالجة المثالب.
مرحلة مقلقة
ومن جانبه اكد النائب السابق علي الخلف السعيد تأييده لضرورة اصلاح النظام الانتخابي للانتقال من هذه المرحلة المقلقة بسبب الدوائر الخمس المليئة بالمثالب، مشيرا الى ان التساوي والعدالة لا تتحقق الا بتقليص الاصوات الى صوت أو صوتين باعتباره الحل الانسب.
وتساءل الخلف في تصريح خاص لـ«الوطن» عن ذنب الاخرين من الاقليات الذين يريدون الوصول الى مقاعد البرلمان أليسوا مواطنين أليس من حقهم تمثيل الناس؟، مشيرا الى ان هيمنة البعض على المقاعد لاعتبارات قبلية وفئوية قمة في الانانية وهذه ليست ديموقراطية وانما استحواذ على كراسي المجلس.
وقال الخلف انه ومنذ عام 2003 ابدى رأيه في قانون الانتخابات وفي 2006 ابدى موقفه من الدوائر الخمس، مشيرا الى ان الجو الذي نعيشه نتيجة الدوائر الخمس غير مستقر نتيجة الشوائب والسلبيات في القانون اذا كان هدف التحول الى خمس دوائر التخلص من بعض الظواهر السلبية لكن ذلك لم يتحقق بل زاد الوضع سوءاً وتمزق الشعب وظهر علينا شيء اسمه الطائفية والقبلية والفئوية وتحول الجو العام في البلاد الى سيئ شق المجتمع وضرب الوحدة الوطنية.
واعتبر الخلف قانون الخمس دوائر بانه مخالف اصلا للدستور، فالمواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، متسائل كيف يكون هناك تفاوت بين الدوائر؟ واكد الخلف على ضرورة اجراء تعديل لتفكيك الكتل التي تدعي الاغلبية في حين ان مفهوم الاغلبية في كل الدول تقدم برنامجا وطنيا وليس تحالفات مصلحية للوصول الى البرلمان.
إرضاء الناس
ومن جهته قال النائب عدنان المطوع ان البلد بحاجة ماسة لاجراء تعديل على قانون الدوائر الانتخابية وتقليص عدد الاصوات لتوفير فرص للجميع للوصول الى البرلمان، مشيرا الى ان ارضاء الناس غاية لا تدرك ولذلك علينا ان نعقلها بيد سمو الامير واعتبار التعديل حالة ضرورة يصدر بمرسوم.
وذكر المطوع ان سبب اقرار الخمس دوائر كان محاربة الفساد، واليوم ايضا فانه تقليص الاصوات من اربعة الى صوتين او صوت واحد هدفه تفكيك الكتل واعطاء الاقليات حق المشاركة والتمثيل مشيرا الى ان هناك حملة شرسة بالنزول الى الشارع واقتحام مجلس الامة من قبل اعداء مجلس 2009 اثرت كثيرا على استقرار البلاد، واليوم الهجوم لازال مستمرا من قبل اصحاب المصالح الذين استفادوا بالوصول الى مجلس 2012 وهم لايزالون يستخدمون نفس الاسلوب ولذلك يرفضون تقليص الاصوات.
وذكر ان جميع الانظمة التي مرت على الكويت في توزيع الدوائر وهي العشر دوائر والـ25 دائرة والـ5 دوائر كلها لم تحقق العدالة في التوزيع لأسباب واقعية وتاريخية، فالحديث لم يعد يتركز على الاعداد فقط في كل دائرة وانما الامر له علاقة بالمناطق الاصلية وهذا متبع حتى في اكبر الدول الديموقراطية بالعالم وحتى في امريكا، والغريب لدينا ان المتجنس استولى على البلد ولم تعد هناك عدالة اذا كنا نفكر في العدالة، ولذلك علينا ان نكون حذرين تجاه المناطق القديمة وسكانها الاصليين القدامى وحقهم في الوصول بعد ازدياد المتجنسين.
وقال المطوع ان علينا الابقاء على حق الاصليين والا لن يكون بالمجلس اي وجود لأهل المتواجدين منذ عام 1920 داعيا للنظر لنقطة واحدة هي تفكيك الكتل للوصول الى الاقليات وهذا فيه شيء من الحكمة ليكون للاقليات شيء من التمثيل.
دراسة حكومية
ومن جانبه اكد النائب فيصل الدويسان ان الدراسة الحكومية المتعلقة بابقاء الدوائر الانتخابية كما هي خمس دوائر مقابل تغيير آلية التصويت لكي يصبح لكل ناخب حق الادلاء في صوت واحد، هي مجرد دراسة وهذا امر جيد ان تقوم الحكومة بدراسة معالجة الخلل في الدوائر الانتخابية.
واضاف الدويسان في تصريح خاص لـ«الوطن» اننا لا نريد تغييرا عبثيا للدوائر، وانما نحن نريد دراسة الدوائر الانتخابية لمعالجة الخلل من اجل تحقيق العدالة والمساواة وفي النهاية لابد من اتخاذ القرار المناسب الذي يعالج اخطاء توزيع الدوائر الانتخابية من اجل مصلحة الكويت.
واشار النائب الدويسان الى ضرورة ان ينطلق تعديل الدوائر الانتخابية من الحكومة بعد اجراء دراسة وافية وكاملة من اجل تحقيق العدالة والمساواة حسب ما هو منصوص عليه في الدستور.
واستطرد الدويسان قائلا «علينا ان نتساءل: هل مجلس الامة القادم بواسطة الدوائر الخمس والاصوات الاربعة سيقوم بتعديل الدوائر وآلية التصويت؟ الاجابة بالطبع لا، لان العملية خاضعة للمزاج ولهذا فالتغيير يجب ان ينطلق من الحكومة لتحقيق العدالة بين جميع الدوائر الانتخابية.
نظام عالمي
ومن جانبها اكدت النائب د.سلوى الجسار ان نظام الصوت الواحد في الانتخابات هو نظام انتخابي عالمي، على اعتبار منح الحق للناخب لاختيار مرشح واحد يمثله في البرلمان، واذا لم يكن ذلك فاني اميل لمنح الناخب حق الادلاء بصوتين فقط.
واشارت الجسار في تصريح خاص لـ«الوطن» الى ان الرأي الفني الاكاديمي يقول ان التمثيل الديموغرافي يحقق العدالة لمن يمثل المواطن في البرلمان، ويساعد الناخب للادلاء في صوته في حرية وحيادية، وهو متفق عليه ويحقق العدالة والمساواة.
ولفتت الجسار الى ان آلية التصويت الحالية في انتخابات مجلس الأمة المتمثلة بالأصوات الأربعة تحقق التمثيل غير العادل.
واضافت ان الوضع الحالي غير صحيح، وغير عادل، وغير حيادي، ولا يعكس التمثيل الديموغرافي، والدليل هو غياب المرأة عن البرلمان، لأن نظام الأصوات الاربعة يقلل فرص المرأة في الوصول الى عضوية مجلس الأمة، بالاضافة الى انه نظام يساعد على عقد التحالفات بين المرشحين لتبادل الاصوات فيما بينهم.
وذكرت الجسار ان فئة الشباب في المجتمع الكويتي يمثلون ما نسبته %60 من اجمالي التعداد السكاني، وهذه الفئة يجب ان يكون لها من يمثلها في مجلس الأمة، ولهذا فان نظام الأصوات الاربعة لا يحقق ذلك لفئة الشباب الكويتي.
واكدت النائبة الجسار انه لا يعقل ان تكون لدينا دائرة عدد ناخبيها 110 آلاف ناخب، مقابل دائرة تعداد ناخبيها 46 الف تاخب وتصويتهم نفس نظام الاصوات الاربعة.
وتطرقت الجسار الى وجود مناطق سكنية جديدة محرومة من اختيار من يمثلها في مجلس الأمة متسائلة هل يتم استيعاب هذه المناطق الجديدة في تقسيم الدوائر الحالي مشيرة الى ضرورة الاخذ في الاعتبار مسألة المناطق السكنية الجديد التي ستظهر مستقبلاً حتى يتم منح الجميع الحق في اختيار من يمثلهم في مجلس الأمة.
ورفضت الجسار لغة التهديد في حالة تغيير الدوائر الانتخابية وتغيير آلية التصويت مؤكدة ان لغة التهديد ليست جديدة وهي اعلان عن حالة الافلاس السياسي مشيرة الى ان ادوات المعارضين لتعديل الدوائر انتهت واصبح لعبهم على المكشوف.
واكدت النائبة الجسار ان امام القيادة السياسية والحكومة استحقاقا سياسيا كبيرا من اجل ضمان سلامة وتطوير الديموقراطية الكويتية ومعالجة جميع المثالب والسلبيات التي يعاني منها النظام الانتخابي لدينا.
واكد النائب السابق د. محمد الهطلاني ان الحكومة تسعى جاهدة لتقطيع الاصوات من خلال تعديل الدوائر لتغيير تركيبة المجلس بحيث تتوافق مع توجهها مشيرا الى ان اي تعديل للدوائر الانتخابية بمرسوم ضرورة غير مقبول تحت اي حجة لان شرط الضرورة غير متوافر في هذه الحالة.
وقال الهطلاني ان الحكومة تنتهك المادة 71 من الدستور وضوابطها الدستورية في غياب مجلس امة حقيقي وتتفرد بالسلطة من خلال العبث في الدوائر الانتخابية واذا ما تم العبث في الدوائر فان ذلك يعني ان المواجهة مع الحكومة ستفتح على مصراعيها وستكون المواجهة جذرية والحكومة تعي ما الذي نعنيه بالمواجهة الجذرية مشيرا الى ان هذه الحكومة لا تنفع معها المهادنة.
وبين الهطلاني ان تعديل الدوائر الانتخابية يتم من خلال الجهة الشرعة وهي مجلس الامة الذي سينتخبه الشعب ويمثل ارادة الامة وليس مجلس 2009 الساقط شعبياً.
قم بكتابة اول تعليق