قد لا نحتاج الى القول بان السيد احمد السعدون البرلماني المخضرم «حريف سياسة»، بل لعلي لا اغالي اذا ما قلت ان كتاب مكيافيللي (الامير) لايبرح يده وانه يحفظ موضوعاته ونصائحه للملك من الغلاف الى الغلاف لذا لا نندهش اذا ركب حصان الانتهازية مخترقا صفوف الشباب ومتحدثا بلغتهم رافضا الاعتراف بالمراحل العمرية التي تفصله عن هؤلاء الشباب، فهو يصر على انه صالح لكل المراحل ورجل لكل الفصول وسواء أعترف او رفض، فلكل زمان رجاله حتى ان اجاز السياسيون لانفسهم التلون وتلبيس الاقنعة..!!
القول بان الساحة السياسية الكويتية تعيش راهنا نقلة مفصلية او تاريخية وغير ذلك من الكلام اغلبه هرطقات وفذلكات لا نسمع به الا من ذلك النفر المتهافت والمستميت على الكرسي الاخضر ومن ماكينتهم الاعلامية والدعائية التي تطبل لهم.
يعلم السيد احمد السعدون بان المطالبات الشبابية ذات السقف العالي مستحيلة التحقيق راهنا او حتى في زمن ابعد، فالامارة الدستورية والحكومة البرلمانية وتنظيم الاحزاب والدائرة الواحدة والقوائم الانتخابية فاذا كان البعض لاسيما الشباب يرونها مطالب مستحقة ومخرجا للجمود والاحتقان السياسي والذي بات مزمنا ومقلقا ومعطلا لمسيرة الدولة وتقدمها، إلا ان الارضية الصالحة للتنفيذ غير متوافرة، فالاصلاح السياسي ان بسقفه العالي او الواطي لن يتحقق بين ليلة وضحاها، وانما الأصح المرور بمراحل (خطوة خطوة) فتجارب العالم قد علمتنا ان خير الاصلاح ما كان نافذا بالتدريب، خصوصا في بلد مثل الكويت التي لازالت تأخذ بالاعراف والتقاليد اكثر من اخذها بالنصوص الدستورية، وكذلك آخذة في الحسبان حساسية الجوار وتحفظه على الخطوات الانفتاحية السريعة، واغلب الظن ان ذلك قد لا يغيب عن انظار سياسيينا، ونرجو ان يكون محل نظر شبابنا المندفع والمملوء حماسا، من هنا فعندما يهرول السعدون مع الشباب ويشاركهم القفز العالي، رغم اختلاف العمر والخبرة، يضع في اعتباره ان هؤلاء الشباب هم الذين سيمهدون له الطريق للوصول الى رئاسة المجلس والتي اعتلاها وكاد ان يمتلك ناصيتها لولا الضربة القاضية وغير المحسوبة التي جاءت من المحكمة الدستورية الموقرة، فأبطلت مجلسا اسس على باطل.
لقد ظل السيد السعدون يخاطب الناخبين في كل موسم انتخابي على انه الوحيد المدافع عن الدستور وحامي حمى الديموقراطية الكويتية من اعدائها، هذا ما كان ولا زال دأبه منذ اربعين عاما ولم يغير لهجة خطاباته الانتخابية متجنباً ذكر مَن هم هؤلاء الاعداء للديموقراطية الكويتية حتى نصدق او نكذب ان هناك اعداء للدستور وللديموقراطية وكم كنت اتمنى من الذين يحضرون ندوات وملتقيات السعدون ان يطلبوا منه ان يذكر بالاسماء خصوم واعداء الدستور فاذا كان يقصد الشيوخ فرئيس الوزراء الحالي هو احد الشيوخ الموقعين على الوثيقة الدستورية فالشيوخ باتوا أكثر تمسكاً بالدستور من المواطنين واستطرادا اقول للسيد السعدون انتم يا «التكتل الشعبي» باسلوبكم الغوغائي والتخريبي اعدى اعداء الدستور انتم بذرتم الفتنة والانشقاق ونفرتم الناس من الديموقراطية ومن مجلس الأمة..
اما «الاخوان المسلمين» وذراعهم السياسي الحركة الدستورية (حدس) المفتونون والمنتشون بربيعهم الاحمر والذي تنكبت بنيرانه الجهنمية بعض الديار العربية يسعون الى نقل ربيعهم الى ارض الكويت المحروسة ومنها الى الديار الخليجية فقد دفعوا بقواعدهم الشبابية للواجهة فيما هم تمترسوا خلفهم بمطالبات السقف العالي بغطاء الاصلاح السياسي وحقيقتهم هي الاستيلاء على السلطة. فالوصول الى السلطة ظل حلما يراودهم منذ ثمانين عاما، فـ «الاخوان المسلمون» تنظيم سري وشبكة عنكبوتية تماثل من حيث التنظيم الماسونية العالمية، لكن الفرق بين هؤلاء وهؤلاء ان «الاخوان» يتدثرون بالدين واللحية والزبيبة والسبحة، ويتسمون باللؤم، ويتهافتون على المال والسلطة واستعباد الناس المستضعفين..!!
لذلك فعلى الشباب الغر والمندفع وقليل الخبرة والتجربة ان يدركوا حقيقة هؤلاء فلا ينخدعوا بهم وبخطابهم التحريضي، ولا يجعلوا من انفسهم وقودا او سلاحا لضرب امن وامان واستقرار وطنهم الكويت.
لا خلاف ان الاصلاح السياسي بعد نصف قرن من الممارسة الديموقراطية مطلب مشروع سواء على صعيد تنقيح او تعديل الدستور أو على الصعيد الانتخابي، وغير ذلك من المطالبات لكن على الشباب خاصة ان يدركوا مغزى التوقيت للمطالبات الاخوانية فـ «الاخوان» يسعون لخلق الفوضى واحتلال الشارع بغية فرض شروطهم على الدولة، راجعوا جيدا تصريحات جمعان الحربش الاخيرة في شأن تعديل الدوائر الانتخابية والذي هدد بالنزول الى الشارع.
ان المنطقة راهنا على كف عفريت. فهناك انظمة حكم تنهار. وهناك شبح حرب قادم. واما في الداخل حالة التأزيم والاحتقان مستمرة، فهل في هذه الاجواء الخارجية والداخلية يصح طرح المطالبات عالية السقف؟! وتاليا الاصلاح يحتاج الى توافق واتفاق جماعي، فاين ذلك الاتفاق والتوافق..؟!!
ان على الشباب ان يدركوا ان مثل الكويت كمثل قارب صغير يبحر في محيط عاصف تتخبطه الامواج من كل جانب، ومهمة ركاب القارب حمايته من الغرق، والوصول الى بر الامان.
وليدرك الشباب ان لقاءات وملتقيات واجتماعات ما تسمى ديوانيات الاثنين التي يتزعمها احمد السعدون والذي جعل من ديوانيته ساحة ارادة وبتحريض من (حدس) هدفها انتخابي، فلا تجعلوا يا شباب الكويت من أنفسكم قنطرة فيركبوا على ظهوركم..
وأخيرا.. ليدرك الشباب ان امن واستقرارها يتقدمان على كل المطالبات اولا وآخراً.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق