سامي خليفة: «البيان» الصح في الوقت الصح

توقيع أكثر من ألف شاب يمثلون كل أطياف المجتمع -من سنة وشيعة، بدو وحضر، رجال ونساء، إسلاميين وليبراليين، تقليديين وتقدميين، محافظين ومنفتحين- على بيان باسم «شباب من أجل الاستقرار»، يعد خطوة رئيسة تستحق الثناء والتقدير، وقد تأسس الحراك من لون آخر يقابل الألوان المتطرفة التي ملأت الساحة السياسية، وأتعبت البلاد والعباد طيلة السنوات الخمس الماضية. هذا البيان الشامل الذي بُني على ثلاثة محاور: الأول يحتوي على سبع نقاط قلق ومخاوف قُدمت لسمو الأمير، وثمانية توجيهات عامة قُدمت للحكومة والمجلس، وتسعة اقتراحات بقوانين أبرزها قانون تجريم خطاب الكراهية كأولوية تقدم في أولى جلسات مجلس الأمة. وبغض النظر عن اتفاقنا أو ملاحظاتنا على بعض ما ورد من نقاط تحتاج إلى دراسة أكثر، فإن فحوى «البيان» يُصنّف من الخطابات الموزونة والمتوازنة، ويشير إلى أن عند أصحابها دافع الخوف على مستقبل الأجيال القادمة، وهو بعد قيمي رائع وذوق وطني أصيل لا نملك إلا تشجيعه والثناء عليه.
وهذا البيان أسقط بعض التصريحات التي يطلقها بعض نشطاء المعارضة من أنهم يتحدثون باسم الشعب! وهي بالتأكيد تصريحات لا مكان لها من الحقيقة، وفيها مصادرة في غير محلها. والبيان أيضا ساهم في تحريض الأغلبية الصامتة -غير المقتنعة بسلوك وأداء كافة الأطراف المتصدّية بالساحة من معارضة وموالاة- على النهوض والقيام بدورهم في إنهاء «مهزلة» حرب الألفاظ «البذيئة» القائمة تحت قبة عبدالله السالم، وفي ساحة الإرادة، وعلى برامج القنوات الفضائية، وعلى مانشيتات أغلفة الصحف اليومية، وكأن لسان حال التحريض يُبشّر بظهور خط ثالث يمثل الإرادة الحقيقية
للأمة متمثلة بالأغلبية الصامتة.
ومن أهم ما جاء في البيان هو اقتراحات القوانين التي طالب بها الموقعون بأن تعطى الأولوية، وعلى رأسها قانون تجريم خطاب الكراهية، وهو سلاح فتاك إذا ما صودر من يد الخصوم، فإننا قد تفادينا الكثير من الأضرار والدمار الذي يسببه الخصوم لبعضهم البعض من جانب، وللوطن ومستقبل أجياله من الجانب الآخر، خاصة أن كل نشطاء المعارضة والموالاة وجماهيرهم هم أبناء بلد أثبتوا وغيرهم من أهل الكويت معدنهم الثمين يوم اجتاح نظام الغدر والحقد الصدامي في العراق بلادنا، ونحن على أعتاب الذكرى الواحدة والعشرين للغزو، وبالتالي لا بد من صرخة تُنبه الجميع إلى خطورة الفوضى القائمة اليوم، ولا بد من وقفة جادة لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.
الكويت اليوم تحتاج إلى «كتلة العمل الشعبي» كما هو احتياجها إلى «التحالف الوطني» و«المنبر الديمقراطي»، وهي بحاجة إلى «كتلة التنمية والإصلاح» بنفس القدر الذي تحتاج فيه إلى «التحالف الإسلامي الوطني» و«العدالة والسلام» و«الميثاق» و«الرسالة الإنسانية»، وهي بحاجة إلى «الحركة الدستورية» و«حزب الأمة» كحاجتها إلى «التجمع السلفي» و«حركة كود». والكويت تحتاج إلى كل قوى الموالاة الداعمة للحكومة والمؤيدة لقيادتها الحالية أو السابقة كما حاجتها إلى كل قوى المعارضة، المتطرفة منها قبل المعتدلة. ولكنها بالتأكيد لا تحتاج إلى خصومتهم لبعضهم البعض، بل هي متضررة أشد الضرر من سلوكهم السلبي والهدام في التعاطي مع الشأن العام. وبالتالي لا بد من تشجيع تلك الصرخة التي جاء بها موقعو بيان «الشباب»، والذي أحسب أنه «البيان» الصح في الوقت «الصح».
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.