بدر بورسلي: هروبي من غناء «شلون تمشي الحمسة» أجبر الديكان على أدائه

يعتبر الشاعر الغنائي ومقدم البرامج بدر بورسلي تلفزيون الكويت «بيته» ومدرسة تعلّم فيها فنون التقديم والإخراج والكتابة، فأبدع أعمالا غنائية وقدم برامج ناجحة، لذا يؤكد أنه مهما فعل لا يستطيع ردّ جميل هذا التلفزيون الذي فتح له أبوابه ليبدع ويشتهر.
حول ذكرياته وأبرز أعماله وتعامله مع كبار المطربين والموسيقيين كان الحوار التالي معه.

أين كان موقع تلفزيون الكويت القديم؟

على البحر مقابل الأبراج حالياً، لم يكن المكان بضخامة المبنى الحالي، إنما كان عبارة عن «شبرات» للإدارة والسينما والاستوديوهات، ثم أنشئت واحدة لإدارة البرامج، وفي الخلف للخدمات الانتاجية، وكانت الانتاجات العظيمة مثل «درب الزلق» وغيرها تصور في استوديو(2)، وخصّص استوديو البث لنشرات الأخبار ثم استُحدث استوديو (3).

كيف كانت الأجواء؟

زرع محمد السنعوسي ورضا الفيلي وجاسم شهاب وأمل جعفر وباسمة سليمان وأمينة الشراح ومجموعة ممن سبقونا في ذلك المكان، حباً وإخلاصاً وتفانياً وغيرة على العمل وقيمة للتعاون والتسابق على الانتاج، ولم يبخل أحد بإسداء النصيحة.

ماذا عملت في البداية؟

كنت مساعداً للمخرجين: صياح العدواني، فيصل الضاحي، عبدالله تقي، أحمد البقشي، حافظ عبد الرزاق. تشرفت بالعمل معهم وتعلمت الكثير منهم، لا أنسى أنني تدربت على يد أمين الحاج الذي أسجل له شكري وامتناني… صحيح أنني درست في الخارج، لكن المدرسة الحقيقية هي تلفزيون الكويت.

ما أبرز البرامج التي أخرجتها؟

«ألعاب شعبية»، وقد استعان مسؤولو التلفزيون بأيوب حسين، وهو مرجع في التراث الشعبي، وشارك معنا فنانون كبار من بينهم عبد العزيز المسعود، وكنا نعمل حتى الرابعة صباحاً، أذهب بعدها إلى المنزل وأعود إلى دوامي باكراً وكلي نشاط، وأتناول في المطعم «مسبحة» تصبرني حتى العصر.

هل تم تصويره لرمضان؟

نعم، كان تصوير ثلاثين حلقة يستغرق وقتاً طويلاً، لم يكن لدينا المونتاج كالموجود حالياً، فإذا أخطأت في مشهد نعيد التصوير كاملاً منذ البداية وكأننا لم نفعل شيئاً، وعندما داهمنا شهر رمضان، تحوّل تلفزيون الكويت إلى خليّة نحل، الكل يعمل ولا وقت لديه لأحاديث جانبية.

أخبرنا عن اسكتش «السبت سبمبوت».

كانت لدى محمد السنعوسي فكرة سهرة منوعة تقدمها الرائعة سعاد عبدالله، وطلب مني الموسيقار الكبير غنام الديكان أن اغني في اسكتش غنائي بعنوان «السبت سبمبوت» من إخراج بدر المضف، أحد أهم رواد السينما في الكويت، إلى جانب سعاد ، ففعلت إلا أنني اكتشفت أنني لا أصلح لأكون مطرباً، وعندما وصلنا إلى فقرة «شلون تمشي الحمسة» التي جسدها الفنان عبد الرحمن الصالح، هربت ولم يجد الديكان بديلاً فأداها بصوته.

ماذا عن اسكتش «المطرب القديم»؟

عملنا هذا الاسكتش بعد «السبت سبمبوت» وأداه الفنانان الكبيران الرائعان خالد النفيسي وسعاد عبدالله، وهو من كلماتي وألحان غنام الديكان، ما أعجبني فيه حركة الكلام نفسها عندما كتبت «شاطكم شمشاطكم .. مقصكم مقراظكم».

كيف اشتغلتم على الفكرة؟

اجتمعت مع الديكان في منزله، وفكرنا سوياً في طريقة التنفيذ، اعتدت عدم التفكير بمفردي في أي عمل، بل مع صناعه وعناصره، من ملحن ومطرب، لقناعتي بأن رأيين أفضل من واحد لتنضج الفكرة، إلى أن توصلنا إلى المحافظة على التراث بشكل غنائي مثل «السبت سبمبوت» و{نبي الشميّل والهبوب الزينة»، كلاهما موجودان وليس لي فضل فيهما لكنني أضفت «المطرِّب» وبعض الفواصل بينهما، عكس «المطرب القديم» فهو من صنعي بالكامل مع الديكان… وكنا نستشير سعاد والنفيسي والمضف في بعض الأمور، ولهذا نجحنا.

هل تحرص على أن تكون حاضراً في الاستوديو؟

وجودي في الاستوديو قد يعرقل ويزعج، وأعتبر أن مهمتي تنتهي بكتابة النص.

كيف تحولت إلى تقديم البرامج؟

بسبب كسلي، كلفني حافظ عبد الرزاق (مسؤول في التلفزيون)، إخراج سهرات للدورة الصيفية، فطلبت أن يكون التصوير خارجياً، ولكن هل يعقل أن أصور في عز الحر في شهر أغسطس؟ لذا أردت التخلص من الموضوع ولم يكن أمامي غير فكرة برنامج «أبيض وأسود». عرضت على النجمة والإنسانة الطيبة أمينة الشراح تقديمه، وهي سبب نجاحي، لكنها لم تستحسن الفكرة، فقدمت بنفسي حلقتين ، ثم عدت إلى إخراج «شبكة التلفزيون» لعبد الرحمن النجار.
بعد فترة دعاني محمد السنعوسي (وكيل التلفزيون آنذاك)، طالباً مني تقديم «أبيض وأسود» ومدته نصف الساعة، وبقدرة قادر نجح… أنا محظوظ في حالات كثيرة.

أخبرنا عن «شي ما شفتوه».

الفكرة ليست من ابتكاري بل شاهدتها في الخارج، أخذت المشاهد من المخرجين الذين كانوا متعاونين معي، وقدموا لي الأخطاء الحقيقية، ولدى بحثي عن اسم للبرنامج قصدت فوزي التميمي، وكان وكيلاً للمالية في وزارة الإعلام، وشرحت له الفكرة فقال لي «شي ما شفتوه».

كيف تطور شخصيتك؟

أقرأ وأتابع وأتعلم، أما طبائعي فتبقى كما هي سواء في الإذاعة أو التلفزيون أو الصحافة.
ما معايير تميّزك في الأغنية الوطنية؟

الإحساس الطبيعي، وقد أنعم الله علي بحسن الكتابة، تعاملي مع الأغنية الوطنية الكويتية ليس كواجب بل نابع من حبي لها وأطرب لها أكثر من الأغنية العاطفية. ثم أجد متعة لا يمكن وصفها عند كتابتي لها على غرار أوبريت «صباح الوطن» من ألحان مشعل العروج والأغنيات التي تضمنها: «منهو مثل الكويت»، «يا اللي تحب الكويت».
إنه رد جميل لهذا البلد الطيب، ومهما عملنا لن نوفيه حقه، لكنني أظهر إحساسي وشعوري وعاطفتي أكثر في الشكل الذي اكتب من خلاله الأغنية، لست أفضل من د. عبدالله العتيبي أو د. يعقوب الغنيم أو عبد اللطيف البناي أو يوسف ناصر، كل ما في الأمر أنني أحاول أن أكون معهم في الصف نفسه.

آخر كلام عن الكويت؟
لم أكتب، لكن ثمة فكرة أغنية عن الكويت «لو يصير ما يصير وتنقلب الدنيا تبقى الكويت»، إنها رسالة أمل أريد إيصالها إلى الناس، لقد كتبت بكل صدق «ياللي تحب الكويت لا تقطع الآمال»، ففي كل لحظة يولد هذا البلد من جديد.

ما سر نجاح «وطن النهار»؟

كل كويتي كتبها بطريقته، كل ما فعلت أنني ترجمتها بأسلوبي، إضافة إلى توقيت طرحها بعد التحرير، والعودة إلى الوطن، بخاصة من كان خارج الكويت إبان الغزو الآثم ولم يعلم ما حدث في الداخل، وصاغ اللحن المبدع سليمان الملا وأداها الصوت المؤثر الذي لا مثيل له عبد الكريم عبد القادر. لم يلحظ أحد اعتمادنا الكلي على الأطفال في الغناء، فالطفل هو الأصدق في التعبير بخاصة عند قوله «وطني» والتوظيف هنا صحيح لأنه هو المستقبل ووطن النهار.
أسعدني كثيراً نجاحها وامتدادها إلى تسمية صفحات بإسمها، ومسلسل يحمل عنوانها.

هل لديك أعمال ليست للمناسبات؟

لدي أعمال ناجحة لا علاقة لها بالمناسبات، مثل أغنية «العمر الجديد» و{أم الثلاثة أسوار»، كلاهما من ألحان د. عبد الرب إدريس وغناء عبد الكريم عبدالقادر، البعض أطلق على الأغنية الثانية اسم «يا أغلى دار» واعترف أن من أطلق هذا العنوان غلبني.

أغنية لم تتوقع نجاحها؟

«جار النجوم» من ألحان راشد الخضر، لا تصدق أحداً يقول لك سأكتب أغنية ناجحة، فمقياس النجاح هو الناس.

هل نظرت إلى مسألة خلود أغنياتك؟

بدأت كتابة الأغنية مع «يا رسول الزين» لسعود الراشد، ظننت حينها أنني الشاعر أحمد رامي، بعدها قدمت ست أغنيات تم رفضها. أحب الكتابة ولا أنتظر النتائج، أجتهد وأقدم عملي للناس، فإذا تقبلوه أكون سعيداً وإن رفضوه أبحث عن الخلل لإصلاحه ومعالجته، أتعلم من الشعب الكويتي والخليجي… لست شاعراً كبيراً ولست بمقدرة الشعراء العظماء: د. عبد الله العتيبي أو يعقوب الغنيم أو
د. خليفة الوقيان أو يعقوب السبيعي، بل أنا كاتب أغنية مجتهد.

ما ذكرياتك مع جمعية الفنانين الكويتيين؟

كانت الجمعية عبارة عن تجمع فني، يقصده الفنانون يومياً ونعيش دقائق الأمور في ولادة الأعمال الفنية، نستمع إلى عوض دوخي وسعود الراشد وعبد الله فضالة وشادي الخليج، نرى حمد الرجيب وأحمد العدواني، فبوجودهم يتمنى أي شخص أن يصبح فناناً. كانت الجمعية تقدم احتفالات وأنشطة وكان معنا أهل المسرح في البدايات لكنهم انفصلوا عنا في ما بعد.

هل تأثرت بالشاعر الكبير فهد بورسلي؟

هو خالي، عشنا في منزل واحد، ومن الطبيعي أن أتأثر به بحكم الجينات، عندما كتبت سامرية «يا رسول الزين» قيل إن بدر يأخذ من خاله فهد، فدفعني هذا الكلام إلى اعتماد أسلوب خاص أكتب به درءاً للشبهات، ثم لا يمكن البتة أن أكون مثل فهد بورسلي.

لماذا تعاونت مع الملحن مشعل العروج؟

أحب فكره، أتعامل معه وأتعلم منه أيضاً، لأتواصل مع الجيل الجديد، وما يميز العروج مناقشته وقراءته الصحيحة للنص، وهو من الملحنين الذين «يدوخوني» لتغيير كلمة أو جملة، قدمت معه أوبريتات: «صباح الوطن»، «السلام أحلى الكلام»، «صباح الخير على الديرة»، «حب الوطن».

ما أبرز مقدمات المسلسلات التي كتبتها؟

«الإبريق المكسور» و{مذكرات جحا» من ألحان غنام الديكان.

هل كان في نيتك التوثيق في «حنين»؟

لم أخطط لعملية التوثيق، و{حنين» قدمته بطلب من د. أنس الرشيد عندما كان وزيراً للإعلام.

كيف تقيّم مشاركتك في «أوربت»؟

تجربة رائعة، كان الأمر صعباً علي، وترددت.. كيف أترك تلفزيون الكويت «بيتي» الذي صنع اسمي؟ وبعد اتصالات استغرقت ستة أشهر وافقت على الانضمام إلى شبكة قنوات أوربت، تعلمت فيها كيفية وضع موازنة برنامج وإنتاجه، والتواصل مع المشاهدين خارج الوطن.

ما رأيك في تكريم المطربين في «مهرجان القرين»؟

الموضوع بحد ذاته جيد، لكن طريقة تنفيذ التكريم سيئة وافتقدت إلى الإبهار.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.