صالح الغنام: المقاطعة حقائق وأرقام

هذه الأيام, ينشط المؤزمون والسائرون على هواهم من منظرين وإعلاميين في ترهيب السلطة وتخويفها من خطورة قرار مقاطعة الانتخابات في حال جرى تغيير النظام الانتخابي القائم, والملاحظ أن عملية الترهيب ليست موجهة للسلطة وحسب, وإنما شملت كل من سيشارك في الانتخابات (المعدلة) تصويتا وترشيحا, لذلك نراهم لا يملون من اجترار المقاطعة الشعبية التي جرت إبان انتخابات المجلس الوطني, والتذكير باللعنة التي حلت بأعضائه والرفض الشعبي الذي قوبلوا به. وهنا لابد من توضيح أن ظروف ومسببات اختراع المجلس الوطني, تختلف كليا وجذريا عن الظروف الحالية, فآنذاك, الناس التفت حول المعارضة الوطنية الحقيقية, لأن مطالبهم كانت عادلة ووطنية بحق, بينما مطالب المؤزمين في وقتنا الراهن تقوم على مصالح شخصية تمثلت في رفض أحكام المحكمة الدستورية, وفي تصديهم لأي إجراء يحقق العدالة والمساواة في الدوائر الانتخابية, لضمان وصولهم المجلس.
وما دام المؤزمون يستخدمون تجربة المجلس الوطني كـ”بعبع” يرهبون الناس به, فأحب أن أقدم لكم حقائق وأرقام تؤكد أن المقاطعة والرفض الشعبي للمجلس الوطني لم يستمر أثرهما طويلا, بل كان محدودا ولم يتضرر منه أعضاء المجلس الوطني وعددهم 50 عضوا, بالشكل الذي يسوق له المؤزمون ومنظروهم. وإن كان لابد من قياس لتأثير المقاطعة الشعبية, فينبغي أن نتابع المسيرة اللاحقة لأعضاء المجلس الوطني, وقبل ذاك, مهم أن نسقط من حساباتنا عدد 14 عضوا لأنهم لم يخوضوا نهائيا أي انتخابات نيابية بعد المجلس الوطني, وهذا يعني أنه لا يمكن قياس تأثير المقاطعة عليهم, وبالتالي يكون قد تبقى 36 عضوا هم من ستكون أعيننا عليهم. 13 من هؤلاء ترشحوا للانتخابات التالية – مجلس 1992 – فحققوا مراكز متقدمة (5 في المركز الثالث, 4 في المركز الرابع, 4 في المركز الخامس), وهذا دليل على أنهم منافسين أقوياء, وأن المقاطعة الشعبية لم تؤثر فيهم.
ركزوا معي, لم يبق سوى 23 عضوا. ولكم أن تتخيلوا, أن من بين هؤلاء الـ 23 نجح 16 عضوا في الانتخابات اللاحقة, بل إن بعضهم وصل لمجلس الأمة 7 مرات, وآخرون 5 مرات وهكذا. الشاهد إن من تأثروا بتداعيات المجلس الوطني والمقاطعة الشعبية التي صاحبته وتقهقروا لمراكز متأخرة, هم 7 أعضاء فقط, جلهم من الوجوه الجديدة. معنى هذا, أن المقاطعة الشعبية لانتخابات المجلس الوطني التي جرت في العام 1990 والتي كنا من أشد المؤيدين لها, لم تكن بالصورة التي يهول لها المؤزمون, وإنما كان تأثيرها وقتيا ومحدودا ولم يتضرر منه معظم من شاركوا فيه, بل المفارقة إن المجلس الوطني الذي يصفونه بـ “سيئ الذكر” تخرج منه أحد أبرز أعمدة كتلة العمل الشعبي… ختاما, هذه الحقائق والأرقام افقأوا بها عين كل من يحاول الضحك عليكم, ويرعبكم بذكرى المجلس الوطني “سيئ الذكر”!

salehpen@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.