تلمسته على صليب المسيح… لكنه لم يكن هناك
سافرت إلى معابد الهند وجبال الثلوج المقدسة
لكنه لم يكن هناك
بحثت في كل وادٍ… وقفر
لكنه ما كان هناك!
ولّيت شطر الكعبة… أتلمس منه أثراً
لكنه لم يكن هناك
لازمت أهل العلم والفلسفة أسألهم عنه
لكنه كان أسمى من كل حروفهم… ومعانيهم
وحينما أطرقت… ونظرت ملياً في قلبي
عرفت أنه لم يكن إلا هنا
هنا بقلبي حيث أقام!
تلك ترجمة عربية لقصيدة “هنا بقلبي” لجلال الدين الرومي من موقع “اللا محتجب” والتي تأتي مستوحاة من الحديث القدسي “لم تسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن”… وحدث أن قامت “مغردة” بنشر هذه القصيدة بترجمة مختلفة شيئاً ما لتفتح على نفسها وكل أهلها أبواب جهنم.
فقد اتهمت بالشرك ثم بالكفر، وشتمت في شرفها وعرضها، وتمت السخرية والتشفي بها وبأسرتها، ثم تم وضعها في خانة والدها وصب عليها جام الغضب منه… وعندما شرحت للمتخلفين أن تغريدتها كانت مقطعاً من قصيدة قديمة لإمام وفيلسوف إسلامي كانت ومازالت كتاباته حول الحب الصوفي خير سفير للجمال والروحانيات في التراث الإسلامي جاء الهجوم على الرومي “كصوفي زنديق” فقط لاختلاف منظوره الفلسفي عن ابن تيمية.
أخطأت مرتين فجاءها العقاب مضاعفاً، أخطـأت حين كانت ابنة “داعية إسلامي” أثار حفيظة الوهابيين وتجرأ مؤخراً حين دعا إلى مراجعة الأفكار السلفية حول الحريات والتسامح الديني… وأخطأت حين اعتقدت أن للفلسفة والأدب مكاناً في صحراء الوهابية وصخور عقول السلف.
ولكن جاء ردها على التكفيريين ليصوب أخطاءها ويعيد للعقل والمنطق صوته، فقالت: “هذا الدين الذي تدافعون عنه ليس بديني هذا صحيح. أنا ديني الإسلام والرحمة وأنتم دينكم التكفير والنَّقمة… لو أنّي بحثت عن الله في مكّة… أو في مذهبكم التكفيري العنيف الملطّخ بالدماء لكَفرتُ من زمان… هذا صحيح، فالحمد لله أنّي لم أبحث عنه إلا في قلبي”.
نأمل أن تكون تلك التجربة المريرة قد كشف لميسون عمق الشرخ بين المنطق والمجتمع وبين الفلسفة والموروث… كما نأمل أن يعي والدها طارق السويدان وغيره من “الدعاة” الضرر البالغ الذى خلقته دعوتهم الأحادية المنظور التي ألغت العقل ورسخت النسخ والتكرار والتبعية دون نقد أو تفكير، ولو كانت دعوته للحرية والعقلانية والتنوير منذ البداية لربما خلق لابنته بيئة أنقى لتزهر وتكبر.
نص القصيدة المعتمد باللغة الإنكليزية
http://the-haqq.blogspot.com/2005/10/where-is-god-by-j-rumi.html
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق