محمد العبدالجادر: مهاجرون من الكويت

الكويت من قديم الزمان بلد هجرة ومهاجرين، ولكن قبيل النفط كان يستقبل الهجرة بسبب قلة الماء والموارد الشحيحة، ولهذا اضطر الرجال من أهلها الى تجارة البر والبحر والسفر والغوص، وكانت هجرتهم موسمية بحثاً عن الرزق، ومن خلالها كان الانفتاح والتعامل مع الآخرين. ولكن الحال بعد ظهور النفط تغيرت، وجاءت الوفرة والوظائف، وبدا مشروع الدولة واضحاً، حتى أصبح الكويتيون قلة وجاء المهاجرون من الوافدين للكويت.

اليوم هنالك هجرة جديدة من الكويتيين وخاصة الشباب الكويتي، ولعل أبرزها هجرة أموال وأبناء الكويت من الرياضيين، في ما سمي بصفقة «توتنهام فورست» البريطاني، حيث هاجرت أموال رجل الأعمال الرياضي فواز الحساوي ومع رياضيين من اللاعبين.

واليوم نستمع الى قصص جديدة وهي هجرة مجاميع من أبناء الكويت، ولدينا نماذج جديدة وقصص أعرفها وسأعرضها بأسماء معروفة:

بوشاهين.. استثماري اضطر لنقل عمله في الاستثمار من الكويت الى احدى الدول الخليجية لأسباب تتعلق بالشفافية وضيق الفرص الاستثمارية.

بوفهد.. متقاعد من احدى وزارات الخدمات وكانت له تجربة في سوق العقار لم تنجح بالكويت بسبب عدم تنظيم السوق وضياع بعض من حقوقه، ذهب الى احدى الدول العربية المجاورة ذات الموارد المحدودة والضرائب العالية ورغم ذلك نجح في العمل نفسه الذي فشل فيه في بلده!

استقر في ذلك البلد ويقوم الآن بأعماله وأكثر من ذلك يقوم بأعمال للطلبة الكويتيين لا تقل عن أعمال السفارات.

نموذج آخر.. بوحسين، تقاعد ضابطاً من السلك العسكري، ولانه تسلم مبلغاً جيداً من التقاعد فقد اشترى شقة في احدى الدول العربية التي شهدت ثورة وأوضاعا غير مستقرة ولأسباب تتعلق بوجود ابنه في إحدى جامعات هذه الدولة وحاليا استقر في هذه الدولة رغم الأحوال المضطربة ولا يفكر في العودة.

هذه النماذج جميعاً نماذج تغادرنا وتهاجر لأسباب ليست شخصية أو قرارا فرديا انما تتعلق بسوء إدارة للموارد والمرافق أو عدم وجود فرص استثمارية ووظيفية ومضايقات لا حصر لها وعدم وجود جامعات حكومية تكفي ابنائهم من الغربة، الكويت في كل الأحوال هي الخاسرة ماليا ومعنوياً.

ففي بلاد مواردها البشرية محدودة فالخسارة مضاعفة بشرياً ومالياً.

وهي تعبر عن مشكلة كبرى في البيئة الاجتماعية والسياسية ويجب البحث عن أسباب هذه الهجرات قبل ان تستفحل وتصبح ظاهرة ونهدر إمكاناتنا المالية والبشرية، فالمهاجرون رياضيون وقادة وعسكريون متقاعدون ومدرسون وأطباء ومن أبناء البلد.

د. محمد عبدالله العبدالجادر
المصدر جريدة القبس

1 Comment

  1. د.محمد لانسميها هجره تقدر تقول تعديل وضع بالاضافه الي عدم اتاحه الفرصه بممارسة اعمال حره بيسر كل هذا هو الوجه الاول, اما الوجه الثاني حسب ما ذكرت يا د.محمد فهو بمثابة كارثه هجره من وطن يعم بالامن والاستقرار وهو ما يجب دراسه ومعرفة اسبابه .

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.