إبراهيم العوضي: بلغ السيل الزبى

لقد آلمنا جميعا تلك التصريحات التي أطلقها محمد الجويهل والتي لم تسئ لقبيلة مطير هذه القبيلة العريقة التي تعتبر من أهم المكونات الرئيسية للمجتمع الكويتي ولتاريخ الدولة فحسب، بل انها جاءت كمحاولة لتمزيق تلك القيم والمبادئ والعادات والأخلاق والتقاليد التي أسسها وحفروا الصخر من أجلها أباؤنا وأجدادنا واستطاعوا من خلالها بناء دولة الدستور والمؤسسات، ولا شك أن مثل هذه التصاريح لم تكن وليدة الصدفة ولم تأتِ من فراغ وجاءت امتدادا لأحداث متعددة ومتتالية زادت من الشرخ وعززت من الاصطفاف الطائفي والقبلي والطبقي الذي استشرى في مجتمعنا نتيجة لصراعات سياسية أطرافها أفراد الأسرة والحكومات المتعاقبة والنواب دون استثناء لنصل الى ما وصلنا اليه اليوم.
اننا اليوم ونحن نستذكر اثنين وعشرين عاما مضت على ذكرى الاحتلال العراقي لدولتنا الحبيبة، فاننا نجد أنفسنا لا نتعظ من أخطاء الماضي ولا نستذكر أن التلاحم والتكاتف الوطني الذي تبناه أفراد الشعب جميعا أثناء هذ الغزو الهمجي كان ولا أبالغ في ذلك السبب الأول والرئيسي في عودة الكويت وفي طرد الغزاة المعتدين. فاليوم، كثير من القيم الأساسية المتعلقة بالايمان الكامل بمفهوم المواطنة والولاء به والانتماء اليه والعمل على رفعته والابتعاد عن الاندفاع السلبي وإيثار مبدأ الحكمة والتعاون مع الابتعاد عن تغليب المصلحة الشخصية والابتعاد عن الاندفاع عن كل ما يحاول زعزعة قيم هذا المجتمع قد غابت، وكان نتيجة لذلك ما نعيشه اليوم من حالة هرج ومرج وتناحر بغيض ومؤسف، وقد لا أبالغ ان قلت اننا قد وصلنا الى مرحلة قريبة جدا من تلك التي لا تحمد عقباها.
كما أنه من المعيب حقا ونحن نؤمن بدولة الدستور والمؤسسات والقانون، من أن يتم اقحام الديوان الأميري الذي يعتبر من رموز السيادة في الدولة والمركز الدائم لسادة الحكم في قضية تصريح محمد الجويهل وكذلك في قضية اساءت ذلك التافه الجاهل لمقام سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين رضوان الله تعالى عليهما. فأين هو دور وزارة الداخلية؟ ولماذا لم تكن تلك الاجراءات التي تبناها الديوان الأميري مشكورا عن طريق وزارة الداخلية بدلا من الديوان؟ ولماذا يتم اقحام مقام صاحب السمو في هذه القضايا؟ وهل عجزت وزارة الداخلية عن تطبيق قوانين الدولة التي تقوم على أساس مبدأ العدالة والحفاظ على القيم واستتباب الأمن والحفاظ على الوحدة الوطنية؟ وهل سيكون الديوان مسؤولا عن كل قضية تمس الوطن والمواطنين وبتوجيهاته ستعمل وزارة الداخلية؟ مع ايماني الكامل بأنه قد بلغ السيل الزبى ووصلت الأمور الى حد لا يطاق وبتنا نعيش كل يوم في حالة قلق وخوف حقيقية على مستقبلنا بعد أن نخر أتون الصراع السياسي الاجتماعي كل ما هو جميل في بلدنا، لذا نرجو منكم يا وزير الداخلية أن تجيبنا عن تلك التساؤلات المشروعة بعد أن غابت الحقيقة عن كل ما هو واقع في بلدي.
أضف الى ذلك، فان الحكومة اليوم مطالبة باصدار قانون لتجريم خطاب الكراهية على أن يصدر كمرسوم ضرورة وبالحال لايقاف هذه النعرات الطائفية والقبلية التي دأب العديد على اثارتها وليس ما أطلقه محمد الجويهل سوى واحد من تلك التصاريح المتعددة والمتكررة التي نشاهدها في مواقع التواصل الاجتماعي، على أن يتم تغليظ العقوبات على مرتكبي تلك الجرائم وأن تصل كذلك الى حد سحب الجنسية، وأتمنى من كل قلبي بألا يمر اسبوعان أو أكثر لتتناسى حكومتنا الموقرة ما حدث وليصبح في طي النسيان انتظارا لما هو قادم في قليل الأيام في محاولة منها وكعادتها في تصريف العاجل من الأمور.
Email: boadeeb@yahoo.com

المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.