في الأسبوع الماضي دعيت إلى حفل توقيع كتاب زميلي الأستاذ محمد الحسيني والذي تجمعت كلمات كتابه تحت عنوان «على دروب الربيع»، وقد حالفني الحظ بأنني قمت بالاطلاع على البروفة النهائية وكنت أريد أن أكون أول الأقلام التي تتصدى لذلك الكتاب بالتحليل والنقد الموضوعي ولكن توقفت سطور مقالتي لحين صدوره رغبة من مؤلف الكتاب، وبالفعل انتظرت بشغف لحين صدوره كي أقوم بقراءته بتركيز وإمعان وأقوم بالكتابة بنظرة تحليلية لـ «على دروب الربيع».
في البدء لابد علينا أن نقف أمام غلاف الكتاب بتصميمه المبهر الذي جمع صورا كثيرة لثورات ليست فقط وليدة الحاضر بل جمعت أيضا من الماضي واعتقد أن من يلقي النظرة الأولى على الكتاب يدرك أن طيات صفحاته ستجمع ثورات الماضي والحاضر معا ومن هنا يبدأ التميز المقصود وحسن الاختيار لغلاف «على دروب الربيع»، بدأت أتصفح أوراقه فوجدت لغة تتحدث بهدوء مع العلم بأن فحوى الكلمات تشملها الثورات تلك كانت المفارقة فكلمات تملؤها الدماء والمطالبة بالحريات ومع هذا كان الحديث مع القارئ فيه عذوبة دون صراخ لا يسمع وهنا أصاب المؤلف في اختيار لغته لتوصيل فكرته دون تعصب أو تحيز بل جعل القارئ يتمتع بحروف الكتاب برغم آلام حبرها.
«على دروب الربيع» حملت صفحاته بانوراما شاملة وملمة للثورات التي قامت من أجل حرية الشعوب ولكن كيف نسج الحسيني خيوط ثوراته؟ ذلك هو التميز وتلك حرفية الكاتب، فعندما تقرأ كلمات فصوله نجد أن المؤلف قام بنسج أفكاره التي نبعت من التاريخ للثورات بانسيابية في الأفكار والانتقال من ثورة لأخرى دون تغريب للقارئ بل نجد أن المؤلف ابتعد عن أسلوب التطويل وكانت أفكاره مباشرة وهادفة لما يريد توصيله للقارئ، ان من يقوم بقراءة الكتاب يقدر أن يتفهم ما يريده المؤلف وهو أن الثورات ليست وليدة الحاضر بل هي من الماضي الذي أعاده الحاضر مع الفرق في التغيرات للأزمنة، امتازت كلمات «على دروب الربيع» بالابتعاد عن المصطلحات المعقدة التي يصعب على الكثير ممن لا يفقهون السياسة معرفتها، وهنا تميز أسلوب المؤلف بأن يجعل مادته مقروءة لجميع الفئات أي أنه لم يميز فئة بحد ذاتها لقراءة «على دروب الربيع»، كما نجد في قيام المؤلف بوضع الكثير من الصور التي طعمت كلماته بل نجد في بعض الأوقات عند القراءة والنظر للصور الموضوعة في الكتاب أن الشخصيات كما لو أنهم ينطقون بحروف مؤلفنا فأتت فكرة الصور الفوتوغرافية وتوظيفها التوظيف السليم لأحداث الكتاب موفقه بل ومساندة لقضية المؤلف المراد توصيلها للقارئ، ان الحسيني في كتابه جعلنا نسير معه من بداية الثورات كما لو أنه امتلك «آلة الزمن» وأخذ بأيدينا للماضي ليذكرنا بثورات قد تناساها البعض وقد لا يعلمها البعض الآخر ولكن بأسلوب سريع وإيقاع في الكتابة لا يمل فيه القارئ من تتبع الأحداث، فالحسيني أخذ بنا وكما ذكر في بداية كتابه انها اضاءات وبالفعل كانت للكثير منا اضاءات عن ثورات كما قلنا في السابق من الممكن أن تغافل عنها الزمن، ومن ذلك نقدر أن نجزم بأن «على دروب الربيع» هو موسوعة لعالم الثورات العالمية والعربية، وفي نهاية سطوري لا استطيع إلا أن أقول: ألف مبروك.
كلمة وما تنرد: من أقوال الزميل محمد الحسيني: «إلى كل من سالت دماؤهم.. الدماء التي تسيل عند قتل الأحلام لا تقل حرمة وغزارة عن تلك التي تسيل عند قتل الإنسان».
Atach_hoti@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق