فهد العبدالمحسن: أين سنقضي العيد السعيد

أقبل العيد.. ولأيام العيد وقع خاص عند الكبار والصغار لارتباطها بالفرح والسرور، حيث ينتظر الجميع تلك المناسبة السعيدة التي يتحقق فيها الاجتماع العائلي وتعم أجواء البهجة النفوس. إجازة العيد فرصة للراحة كسائر الإجازات السنوية، التي تعطل فيها جميع الدوائر والمؤسسات أعمالها، ليقضي الموظفون أوقاتاً ممتعة مع أسرهم، يرومون التغيير والخروج من الروتين المعتاد. اليوم من دون مواربة، نتيجة تراجع البنية السياحية ووسائل الاسترخاء والترفيه «البريء» في البلاد. بات واضحاً حجم المعاناة والحيرة الذي يواجهه المواطن الكويتي وأسرته، مع تكرار السؤال الساخر الحصيف: أين سنقضي إجازة العيد؟

لقد أصبحت بعض دول الخليج وغيرها في آسيا وأوروبا متنفساً وملاذاً سياحياً للفارين بحثاً عن الراحة والاستجمام، وبطبيعة الحال تهاجر معهم ملايين الدنانير للخارج، لتستقر في خزائن الدول المهيأة لاستقبال المجازين السائحين!

كل هذا ولم يتحرك أي ساكن من جانب الجهات المختصة، ولو من باب «الغيرة والحسد!» أو من أجل التنافس السياحي المشروع، لاستقطاب مئات الملايين المهاجرة على مدار السنة!

وكما يعلم الجميع أن شركة المشروعات السياحية رائدة في مجالها، وهي الجهة الأبرز القائمة على قطاع السياحة في الكويت. ولكن مرافقها أصبحت مع شديد الأسف هرمة متهالكة عاجزة عن مواكبة الركب السياحي العالمي المتطور، ولم يعد في مقدورها تلبية طموح السائح، حيث أصيبت جميع مرافقها بالشيخوخة وباتت تتوكأ على عصا!

ومن المؤسف، أنه منذ عقود، لم يحدث أي تطوير على مستوى السياحة الداخلية، فالشركة لم تخطط ولم تفكر في إنشاء مرفق سياحي واحد يجذب السائح المحلي، مكتفية بما لديها من مرافق مستهلكة.

وبمناسبة الحديث عن قطاع السياحة، تجدر الإشارة، إلى أن السياحة الداخلية تشكل فرصة استثمارية حقيقية وجدواها مضمونة، فالعديد من الدول اتجهت لإنشاء الجزر الصناعية عبر دفن البحر، لتشيد عليها المشروعات السياحية المختلفة كالفنادق والمنتجعات والمنتزهات البحرية والشواطئ المؤهلة للألعاب المائية وسواها من المرافق ووسائل الترفيه.

الحكومة الموقرة من جانبها، تعلم قبل غيرها، أن الدول اليوم تسعى وتجتهد لتنوع مصادر الدخل، لذلك، يقول المنطق، عليها أن تبحث دائماً عن فرص استثمارية مربحة محلياً وخارجياً، على أن تكون الأولوية للداخل بحسب المنطق الاقتصادي التقليدي المعروف.

كذلك، تعتبر جهات الاختصاص في الدولة، مسؤولة عن ابتكار الأفكار وإيجاد الحلول التطويرية في مجال السياحة والاستثمار في الداخل، والأعذار غير مقبولة في هذا الجانب، إذ يفترض أن يبتعد الاستثمار عموماً، خصوصاً السياحي منه، عن شماعة التعطيل (البيروقراطية، والاحتكار، والتجاذب السياسي… الخ) التي تعرقل المشاريع التنموية!

وأعتقد جازماً أن الفرصة سانحة والوقت مناسب الآن، لاكتمال معادلة الاستثمار المحلي وتطوير السياحة الداخلية، عبر تحالف أو تعاون جدي ورصين، يضم الهيئة العامة للاستثمار وشركة المشروعات السياحية، ولتكن انطلاقتهم من خلال مشاريع ضخمة على مستوى الدولة لتأهيل وتطوير الجزر الكويتية المهملة، أقله، للمساعدة على حلحلة الأزمات التي نعاني منها، كالأزمة الإسكانية والمرورية! بالإضافة للحد من هجرة أموالنا للخارج، عبر خلق بنية وبيئة سياحية متطورة جاذبة، تستقطب المواطن الكويتي والخليجي على حد سواء. وليكن محركنا ودافعنا أن غيرنا دفن البحر لإنشاء جزر صناعية سياحية وحالفه النجاح، ونحن جاد علينا الباري عز وجل بتسع جزر، التفتنا عنها ونبذناها، فتحولت من مأهولة معمورة إلى مهجورة متروكة! واكتفينا فقط ببدعة استعارة أسمائها للشركات والبنوك!

د. فهد العبدالمحسن

Fahad31q8@hotmail.com

@DrFahad_q8
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.