خالد الجنفاوي: غياب العقلية الديمقراطية

اعتقد أن أحدى المعضلات الديمقراطية في الشرق الأوسط هي ما يبدو ضعف أو ربما غياب “العقلية الديمقراطية” على المستوى الفردي والمجتمعي. والمقولة السابقة ليست مبالغة إطلاقاً قياساً على ما يحدث في عالمنا وفي بعض المجتمعات الشرق أوسطية ! فالعقلية الديمقراطية تشير إلى مجموعة من المثل والمبادئ الأخلاقية والمعايير السلوكية الديمقراطية التقدمية. فعلى سبيل المثال, الفرد الذي يمتلك عقلية ديمقراطية ويعيش فعلاً في مجتمع ديمقراطي يحترم دائماً الآخرين وأفكارهم وحرياتهم الشخصية وآراءهم (وبخاصة إذا كانت متناقضة تماماً مع ما يؤمن به. والعقلية الديمقراطية تدل ايضاً على قابلية الفرد في التسامح مع الأفراد المختلفين عنه وقدرته كذلك على النقاش وتبادل الآراء وخصوصا مع من يختلفون عنه في سلوكياتهم وفي نظراتهم الشخصية الى الحياة الإنسانية, بل وربما يُغَيِّر الشخص الديمقراطي من قناعاته السابقة حول أي من مواضيع ومواقف الحياة اليومية جراء إقتناعه بعدم جدواها في تطوره الحياتي أو عدم ملائمتها لما يجري في عالمنا المعاصر من تطورات ديمقراطية جذرية كرست “أساليب حياة” أكثر تسامحاً وتعددية عما سبق التعود عليه في المجتمع التقليدي. والأهم من كل ما سبق, هو إمتلاك الشخص الديمقراطي قولاً وفعلاً على قابلية شخصية للعيش مع المختلفين عنه عرقياً ودينياً وثقافياً وإجتماعياً.
ما سبق يمكن الاستنتاج أن ما دامت تغيب “العقلية الديمقراطية” في الحياة الاجتماعية اليومية في أي مجتمع إنساني معاصر, فذلك المجتمع ليس ديمقراطياً. ولا يمكن للقيمين عليه أو أعضائه إدعاء تصورات أخرى مفبركة عن مستوى ديمقراطية مجتمعهم! فإذا لم يتحقق في المجتمع أساس الحياة الديمقراطية (العقلية الديمقراطية) فلا يمكن إطلاقاً توقع أن تتطور العلاقات الانسانية في ذلك المجتمع إلى مستوى مقبول من الديمقراطية أو المدنية أو التحضر الفعلي أو التسامح الأخلاقي أو قبول للتعددية العرقية أو الحق في الاختلاف.
إضافة إلى ذلك, المجتمع الذي يفتقد الى المبادئ والمنطلقات الذهنية الضرورية لتكريس ديمقراطية معاصرة وفاعلة لا بد له أن “يزخر” بالأزمات والتحديات المختلفة. فالعقلية الديكتاتورية والكارهة للآخر والرافضة للتعددية والماقتة للمرونة الاجتماعية لا يمكن إطلاقاً أن تكون أرضية مناسبة لنشوء ديمقراطية فعلية.
كاتب كويتي ¯ بورصا- تركيا
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.