سامي الابراهيم: أولمبياد لندن.. وأولمبياد الإرادة

ونحن نتابع متع وروائع أولمبياد لندن أمام الشاشة نشاهد ذلك العراك الحضاري المتمدين بين أبطال وبطلات العالم للحصول على ميداليات التفوق، وما يعنيه ذلك من احترام للرياضة والقيّمين عليها وما يبذل من جهد ومال غير مرئي لنا نحن – المشجعين – لتحسم كل تلك النتائج وميداليات الفوز للمستحق من دون النظر إلى انتمائه أو لونه، يصفق الجميع مقدرين باحترام حجم ما يصرف على أولئك الأبطال من مال وعناية صحية ونفسية شاهدنا أبطالاً ينتمون إلى دول تعاني الشح المالي، ولكنها تحرص وتصرف ليرتفع علمها مرفرفاً خفاقاً ويسمع الجميع بصمت وتقدير نشيدها الوطني.

أعفوني من المقارنة، لأنها غير موجودة أصلاً، لذلك سوف لا ألتفت ناحيتها، بل تركيزي سوف ينحصر في المشاهد فقط، ويا لها من مشاهد!

أقول.. نصبح ونمسي على محاكم دستورية واجتماعات تمثل كتلاً تتعارك بعنف لقتل الآخر، هناك في لندن وضواحيها قتال شرس من دون إيذاء الآخر، همهم الفوز والنصر إكراما لدولهم وشعوبهم، وبعد كل تلك المعارك نرى الابتسامات على محياهم تشرح النفس، الرابح والخاسر منهم، والمشجعون باختلاف ألوانهم وأعمارهم يصفقون وهم مبتسمون، هكذا يجب أن تكون الحياة! أين نحن من أن «الابتسامة صدقة»؟! شعب مرفّه، همه أن يصول ويجول بحثاً عن أي معركة أو مشكلة يريد أن يكون له دور فيها، نصنع من أنفسنا أبطالاً وهميين، في خضم تلك المشاهد الرياضية الصاخبة الجميلة، وما سبقها من إعداد وافتتاح مبهر، وكيف ستكون تلك المنشآت مصدراً مجزياً لتحريك اقتصاد البلد المضيف، وكيف ستسوق القرية الأولمبية بعد انتهاء البطولات كمرفق سياحي جاذب متوقع أن يزوره الملايين من السياح؟ خطط درست وجاهزة، إذاً الطموح لم يكن مقتصراً على الرياضة والميداليات فقط رغم أهميته، بل هو اقتصادي بامتياز، أقول ونحن في خضم هذه المشاهد الرياضية الجميلة والرائعة يأتينا الخبر لإضافة علمية متزامنة سوف يكون لها صدى كبير لإسعاد البشرية، وصل «كريو سيتي» بعد أن قطع مسافة 570 مليون كيلو متر إلى المريخ، رياضة واقتصاد وإنجاز علمي متزامن ومبهر. ونحن، المحكمة الدستورية وساحة الإرادة هما مبتغانا! سوف لا يكون هذا الإنجاز العلمي الذي يستحيل علينا استيعابه هو حديث دواويننا، بل سوف يستمر الحديث العنيف وتقزيم الآخر، هل نذهب إلى المحكمة الدستورية أو نترك الأمر للمجلس القادم رغم وجود الشوائب المحيطة، به في كلتا الحالتين سوف نذهب إلى المحكمة الدستورية، إذاً لماذا ننتظر الطعن في نتائج الانتخابات وفق النظام الحالي، وهذا ما سوف يتم بكل تأكيد لنذهب الآن لكسب الوقت ولتهدأ النفوس، شريطة أن يكون طلب رأي المحكمة الدستورية شاملاً لقانون الانتخابات غير مجزأ، وألا يقتصر على المادة الأولى فقط من القانون 46 لسنة 2006، وهو بكل تأكيد سوف يحسم هذا الجدل، ولتبدأ حياة هادئة للبناء والإعمار وتشريع أو تعديل ما هو مشرع من قوانين للبناء ورادعة لكل من يريد تخطي القانون الذي يجب أن يكون هو الفيصل.

كم كان بودي أن تستمر فعاليات الدورة الأولمبية حتى صدور حكم المحكمة الدستورية، هو ما سوف يعوضنا مرحلياً عن الهم والغم، ولنتذكر أن الكويت أمانة غالية وهي لكل المواطنين بقدر ولائهم وعطائهم، فالكويت هي الأب وهي الأم وهي الشجرة التي نتفيأ ظلالها. أنتم ونحن زائلون والكويت باقية، وستبقى قوية آمنة مصدراً للخير والرحمة لكل شعوب الأرض كما كانت بعون الله، وقبل أن نختم ونحن داخل هذا النفق المظلم، دعونا نتذكر باعتزاز الشمعة التي أنارت جزءاً من ذلك النفق، شكراً للبطل فهيد الديحاني، وشكراً للمخططين المقتدرين، هم من أتاحوا لنا فرصة التصفيق والفرحة لعلم الكويت مرفرفاً فوق منصة التتويج.

والله وحده الموفق.

سامي الإبراهيم
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.