على مر السنوات التي أجرى الله على قلمي مشيئته وسدد على طريق الحق رأيي، صلنا وجلنا في شارع الصحافة وكتبنا وعاتبنا وانتقدنا وناصحنا بقلب محب بالسر والعلن، وكان الهدف السامي والغاية الكبرى هما رفعة هذا الوطن وازدهاره وتقدمه.. نعم انتقدنا وغيرنا ابتلع النقد «الدينار»!!، ولو كانت الحكومة حصيفة بما يكفي لجمعت أمرها وأقدمت على دراسة ومراجعة وتمحيص مقالات واحد – قلت واحد فقط!! من كُتاب السلطة الرابعة صانعة الرأي «الصحافة» بدلا من الجرجرة في أروقة المحاكم أو تحقيق اداري أو توقيف ترقية أو تعطيل مصلحة أو ما شابه، لوجدت الحكومة أن هذا الكاتب أو ذاك قدم نصائح لا تباع ولا تشترى لا بالجمال الوضح ولا بالخيول المعنقية.
أحيانا تصيبني سكتة كتابية وأنا أرى الخناجر تغرس في ظهر وخاصرة الوطن ممن يدعون الوطنية، والدولة تنتزع الخناجر وتعيدها للضمائر الجدباء التي لن ترويها أبدا دماء الوطن المراقة وستطالب بالمزيد!.. أشعر أن قلمي جف ضرعه وأنا أرى الصغار يركبون أكتاف الكبار ليقطفوا الثمرة.. أشعر بعجز الكلمة عندما ينام المواطن وهو متدثر بالقروض الجائرة والحكومة والنواب يضحكون على ذقنه وجيبه وهم متأنقون بأبهى الحلل سائرين وسط فقره.. أشعر بارتجاف الحرف عندما أرى أبناءنا الطلبة يعانون الشتات بين الجامعات الخاصة والدراسة خارج الوطن وتنمية الإنسان بآخر ركب «اللسته».. أشعر بالأسى لانجرار الغالبية البرلمانية المبطلة التي توسمنا بها خيرا للرد على الجويهل والفضل والرايات السوداء دون الالتفات لإقرار قوانين الإصلاح السياسي المستحقة.. أشعر بالاختناق حينما تختبئ الكتل والتيارات بخبث سياسي خلف صنيعتها المجاميع الشبابية «الرق السياسي» وتخدع الناس بلباس الدرع الواقية للوطن وهم من خنقوا الوطن.
آآآه تملأ الفراغ الشاسع، فنحن ما زلنا نبحث عن الخل الوفي الذي لا تحركه مصلحة خاصة كما يحرك الشيخ الكبير كرسيه في شرفة بيته بحثا عن شمس دافئة.. آآه يا وطن!! نظرت حولي فرأيت الصورة بشعة جدا عندما اكتشف أنني كنت وكثير من شرفاء الكلمة كنا نحرث في أرض جدباء قاحلة ظننا أنها ستتحول بسن أقلامنا لواحة خضراء يافعة.. لحظة تذكرت علي أن أشي بشيء لهؤلاء الذين يعرفون كل شيء عن التسعيرة ويهددون بالربيع العربي وأزهاره وبساتينه وواحاته ونسوا أو تناسوا أن الربيع لا يزهر في أرض جدباء قاحلة، فمن شروط خصوبة الأرض لتزهر استصلاحها وإزالة الأشواك والحجر والشوائب حتى إذا ما أتاها الغيث كانت رطبة سهلة الحرث.. وربيعنا الكويتي تجاوز الخمسين عاما ولا يجوز بحال من الأحوال أن نتركه لريح المجادلين والمخادعين العاتية تقتلع ثماره وأزهاره وأشجاره وتعيث فيه وفينا فسادا، فالإصلاح السياسي يأتي بالحوار لا بقفع الأكمام إلى الخلف والمطارحة السياسية.
المهم أيها الكويتيون ان قضيتنا وهمنا واحد والمخاض دائما عسير والولادة قاب قوسين أو أدنى، وفجر الإصلاح السياسي قادم بالتراضي، فلا تسمحوا لأجراس الشيطان أن تُقرع في فصل الربيع، فليكن الرد جاهزا، فالوطن أغلى من كل رجاله.
walmudhafpen@hotmail.com
Tiwttre@wadhaAalmudhaf
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق