عبدالمحسن جمال: إرادة ساحة الإرادة

الحراك السياسي يحتاج الى شخصيات ذات مصداقية سياسية واقعية وفاعلة ومتحركة، لكي تتجاوب الأمة وينمو هذا الحراك. ولكن ما نعيشه في الكويت ان من يريد تحريك الواقع السياسي هم من المترفين سياسيا وذوي واقع محدود بهوامش لا يستطيعون الفكاك منها.

ففي تحليلهم للأحداث المحلية والاقليمية لم يستطيعوا الخروج من واقعهم المحدود هذا، وظلوا يراوحون في مكانهم، فالطروحات مكررة وهي نفسها، وأساليب العمل هي ذاتها، وخطابهم السياسي العام أخذ يتقزم يوما بعد يوم.

كانوا في البداية يواجهون السلطة التنفيذية، ولما تغيرت رموزها وتغير الواقع السياسي معها اخذوا يهاجمون زملاءهم ثم السلطة التشريعية التي هم جزء منها.

والمضحك أنهم يهاجمون بعض المخضرمين السياسيين بأصوات سياسية لم يعرف لها الناس أي دور مضح على الساحة السياسية، بل إن ما يكتنزون من «ذهب وفضة» أكثر بكثير مما يملكون من «فكر وتجربة».

وحين رأوا أنفسهم أمام مستجدات لم يكونوا مستعدين لها، إذا بهم يهاجمون السلطة القضائية، وإن كان على استحياء أو خوف من ردة فعل الجماهير.

وهذا ما انعكس على التجمع الأخير في ساحة الارادة، حيث قبلت «شخصياتهم السياسية المضحية» بالمكوث ساعتين في حر الصيف، وتم تحديد سقف الخطاب السياسي والاتفاق على تجميد الحراك السياسي لكونه «جمودا باردا لا روح فيه».

فالخطاب مكرر، والمصطلحات نفسها، بل إن الناس بدأوا يعرفون ماذا سيقول أحدهم بمجرد ان يقف وراء الميكروفون.

فالرأي نفسه، والعبارات نفسها، بل إن التهديدات ذاتها.

لذا، فإنه اذا استمر الأمر كذلك فإن الخطاب السياسي سيتآكل، لأن مشاكل الكويت على المستوى المحلي، او المتغيرات على المستوى الاقليمي، والصراع السياسي على المستوى العالمي، سلطت الأضواء الكاشفة على واقع مرير تعيشه التيارات السياسية في الكويت بشتى أنواعها وفروقاتها.

وإذا لم نستطع ان نخلق خطابا سياسيا يواكب ذلك كله فإن التراجع في حراكنا السياسي سيكون إجباريا وبلا إرادة.

ولعل أصعب الظروف التي سنواجهها في حالة إقرار المحكمة الدستورية عدم دستورية قانون الدوائر الانتخابية، وبالتالي إلزام المشرع الاضطراري لتغييره، عندها سنكون أمام واقع صعب، حيث المشرع هو مجلس 2009 وإذا حل فليس هناك الا مرسوم الضرورة، وعندها ستصطدم المعارضة بالتزاماتها المتسرعة بعدم خوض الانتخابات وعدم قدرتها على مواصلة الحراك ضد النظام السياسي كله بسلطاته الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفي تلك اللحظة لن يكون لساحة الإرادة إرادة!

د. عبدالمحسن يوسف جمال

ajamal2@hotmail.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.