صلاح الفضلي: يوم النكسة

إذا كان عام 1967 سُمي بعام النكسة بالنسبة للعرب بعد هزيمتهم من إسرائيل، فإن تاريخ 27-8-2012 يمكن أن نطلق عليه يوم النكسة بالنسبة لكتلة الأغلبية النيابية، بعد الحضور الهزيل في تجمع ساحة الإرادة الذي لم يزد حسب كثير من المصادر المستقلة عن ثلاثة آلاف شخص (وكالة رويتر)، ولكن حتى لو أخذنا بالرقم الذي ذكره منظمو التجمع وهو عشرة آلاف، فإن هذا العدد لا يمثل سوى 14 بالمئة من عدد الذين شاركوا في تجمع ديسمبر 2011 الذي وحسب مصادر الأغلبية فاق 70 ألف مشارك، وهذا يعني أن هناك تراجعاً بنسبة 86 بالمئة.
لسنا في معرض التشفي من الأغلبية حتى لو اختلفنا معهم، ولكن حجم الحضور الضعيف يوم الإثنين الفائت يعطي دلالة واضحة على التراجع الكبير في شعبية الأغلبية، وهذا يعود إلى سلسلة الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها الأغلبية في الفترة السابقة التي اعتاشت فيها على ما حققته من زخم التجمعات الشعبية التي أدت لإسقاط حكومة الشيخ ناصر المحمد، والنجاح في الضغط لحل مجلس 2009، ولكن الرصيد الشعبي للأغلبية أخذ بالتناقص بشكل متسارع دون أن تدرك الأغلبية ذلك حتى حانت ساعة الحقيقة في تجمع الاثنين، وبدا لها حجم التراجع الكبير في شعبيتها، وهي رسالة قاسية على الأغلبية أن تعيها جيداً وتعيد حساباتها بسرعة بدلاً من المكابرة والعناد، لأن ذلك سوف يؤدي بها إلى نكسات أشد إيلاماً. ما حدث يوم الإثنين هو رسالة للأغلبية ولغيرها بأن الناس لا تعطي شيكاً على بياض، وأن من يُخلص للبلد ويجتهد في عمله ويلبي مطالب الناس تدعمه وتسانده، أما من ينحرف عن ذلك ويعمل لحساباته الخاصة فسوف تنفض عنه، بل وتصفعه بقوة.
إذا كانت الأغلبية البرلمانية قد ارتكبت العديد من الأخطاء الجسيمة فإن على رأسها الطرح العنصري والطائفي الذي صدر من عدد كبير من أعضائها وآخرهم مبارك الوعلان في تجمع يوم الإثنين، وأيضاً من الأخطاء الجسيمة للأغلبية التناقض الكبير في مواقف أعضائها، واللجوء إلى التصعيد المبالغ فيه والتجريح الشخصي لرموز الأسرة الحاكمة الذي ولد حالة من النفور لدى الكثيرين تجاه أطروحات الأغلبية.
نكسة الأغلبية يوم الإثنين سوف تكون لها تداعيات كبيرة وسوف تكون مفترق طريق، وإذا كانت هناك أطراف عديدة فرحت بنكسة الأغلبية في تجمع الإثنين فإن الحكومة أكثر هذه الأطراف سعادة، لأنها أشعرتها بالكثير من الراحة، بعد أن كانت تتخوف كثيراً من حراك الشارع، وهو ما جعلها تتردد كثيراً في الإقدام على أي خطوات يمكن أن يكون لها ردة فعل شعبية. لكن هل تحسن الحكومة استغلال ذلك لإخراج البلد من الشلل الذي يعانيه؟ لا أعتقد، لأن الحكومة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها أعجز من أن تقود البلد للخروج من هذه الأزمة الخانقة. بل الأرجح أن الحكومة «ستأخذ راحتها» في التسويف والمماطلة، واتخاذ قرارات غير مدروسة سيكون لها عواقبها السيئة، فالحكومة أثبتت أنها مصداق للمثل الذي يقول إن «الشقي من اتعظ بنفسه»، بل إنها أكثر شقاوة من أن تتعظ حتى من أخطائها.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.