احمد عيسى: من الإرادة بدأنا وإليها نعود

قبل المتن:
حلت الخميس الماضي ذكرى وفاة الراحل سامي المنيس، ذلك الرجل الذي كان يقطر حباً لهذا الوطن ومواطنيه، أحد رموز رجال الزمن الجميل، وأمام ذكرى رحيله تخجل الكلمات المعبرة عن حجم فقده، فبرحيله اختل ميزان القوى وغاب الدور الحقيقي للتيار الوطني، فأصبحنا على ما نحن عليه، نحنّ لذكرى رجال رحلوا.
***
بانتهاء تجمع “الشعب مصدر السيادة” الذي أقيم في ساحة الإرادة الاثنين الماضي، أصبح واضحا أن قوى المعارضة الجديدة انحسرت شعبيتها، فالتجمع الذي أكد منظموه قبل بدايته أنهم سيتمكنون من حشد خمسين ألفاً له لم يحضره في حقيقته أكثر من ثلاثة آلاف على أبعد تقدير، ومع الأخذ بصدق رواية المنظمين بأن حضور التجمع بلغ عشرة آلاف شخص- رغم تحفظي على هذا الرقم- إلا أنه لا يزال أقل بنسبة 80% من الرقم الذي أكد المنظمون أنهم سيحشدونه وهو خمسون ألف شخص.
أما من ناحية محتوى خطاب قوى المعارضة الجديدة، فقد جاء متعارضا مع بعضه، فخطابها مر بانعطافات عديدة، إذ بدأ قبل شهرين برفع سقف المطالب إلى حد التعديلات الدستورية وحديث عن حكومة منتخبة ونظام برلماني كامل، وانحصر أخيرا إلى مطالبة الحكومة بسحب إحالتها قانون الانتخاب من المحكمة الدستورية، وهو موضوع فني بحت ومنظور أمام المحكمة الدستورية، ولا يرقى ليكون هذا خطابا لقوى المعارضة مجتمعة، وأعني بذلك مناشدة الحكومة.
كما أن قوى المعارضة الجديدة بدأت تحركاتها بساحة الإرادة لمواجهة قوى الفساد قبل قرابة عام، ثم عادت إليها الآن، وبينهما دعت مسبقا إلى عقد تجمعات بديوانيات الأغلبية المُنتفية كل يوم اثنين كإشارة رمزية لإحياء “دواوين الاثنين” المعارضة للسلطة خلال الفترة 1989-1990، وانتهت الاثنين الماضي بتجمع حضوره كان أخفض من سقف أكثر التوقعات إحباطاً بساحة الإرادة، يضاف إلى ذلك المبالغة بالتصريحات ومن بينها الدعوة إلى المبيت في ساحة الإرادة إذا أحالت الحكومة الدوائر إلى المحكمة الدستورية، وتضخيم القدرة على حشد المناصرين، وهو ما لم يحدث ويبدو أنه لن يحدث مطلقا، ما أضعف من موقف المعارضة ورموزها وخفف من أهمية تصريحاتهم.
ولا يمكن إغفال أن نشر بعض أعضاء المعارضة الجديدة خطاب الكراهية والتخوين تجاه معارضيهم، أصاب المعارضة الجديدة في مقتل، حيث أصبحت واجهة المعارضة نواباً إقصائيين متطرفين، بخلاف نماذج قوى المعارضة في العالم التي تحاول أن تجمع أكثر مما تفرق، وتتبنى خطابا وطنيا يساعدها في استقطاب واحتواء أكثر المكونات الرئيسة للمجتمع.
هذه الانعطافات هي التي ساهمت في تفريغ مناصري قوى المعارضة تدريجياً، وهذا أمر يحسب للحكومة التي لم تستمع لمطالبهم في البداية، ويحسب أيضا للقوى التي أفاقت من غفلتها واستفادت من تجربتها السابقة بالجري خلف أضواء الإعلام وإرضاء الشارع الموجه، فرأت نتائج ما خلفته يداها، وأعني بها القوى الوطنية تحديدا.
على الهامش:
من حق نواب المعارضة في مجلس 2009 أن يقولوا ما يشاؤون حول استقالتهم من المجلس، سواء بعدم رغبتهم في تمكين ما يعتبرونه مجلس “القبيضة” من عقد جلساته للنظر في استقالتهم أو عدم رغبتهم في التعاون مع رئيسه جاسم الخرافي، وهذا حقهم، لكن المستغرب قبولهم بتلقي رواتبهم منه واستمرار عمل سكرتاريتهم، وحصولهم على مكافآتهم نظير انتدابهم للعمل في مكاتبهم من الجهات الحكومية التي يعملون فيها، والسؤال: إذا كانوا لا يعترفون بالمجلس فلماذا يقبلون بالحصول على رواتبهم منه، ولم ينهوا انتداب سكرتاريتهم؟ ولذلك عليهم إن كانوا صادقين مع أنفسهم أو يعيدوا رواتبهم ومكافآت السكرتارية للخزينة العامة للدولة على الأقل من باب حفاظهم على المال العام ومصداقيتهم أمام الشارع.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.