أبت وكالة العصيان إلا ان تنشر غسيلها على حبال ساحة الارادة لتؤكد مجددا ان مشروعها المغلف بالشعارات الوطنية هو مشروع مصلحي هدفه الوحيد الحفاظ على الكرسي والتي منها يحلب نوابها المال العام ويقوضون الدستور.
هؤلاء الذين خرجوا رفضا لتعديل قانون الدوائر الانتخابية ألم يكن الاجدى لهم, ومن اجل الحفاظ على ماء الوجه,تضمين خطابهم قضايا تهم الناس وتستجيب لمطالبهم الملحة? فلو انهم مثلا رفعوا شعار إسقاط القروض او إصلاح البورصة او مكافحة الغلاء لكانت غالبية الشعب الكويتي وقفت الى جانبهم?
أليست الكويت البلد الخليجي الاول في عدد المقترضين, والأعلى نسبة في تعثر سداد الديون الشخصية, وفيها 300 ألف مواطن يكتوون بنار الديون المتراكمة, منهم 50 ألفا يعيشون وسط جحيم الملاحقات القضائية جراء تعثرهم في السداد? أليس كل هؤلاء من الشعب ويأملون في حل أزمتهم, ومنع خراب بيوتهم وتفكك اسرهم? ألم يكن كل هؤلاء سيلتفون حول من يتبنى قضيتهم? وهنا لا نكشف سرا اذا قلنا ان وكالة العصيان هي من رفضت وترفض كل الحلول التي تقدمت وتتقدم بها الحكومات لإنهاء هذه المشكلة, لأنها, حينذاك, وكما يقول اعضاء هذا التكتل انفسهم ستفقدهم ورقة يتاجرون بها في الانتخابات فيوزعون الوعود ويحشدون من خلالها الناس حولهم.
نعم, جماعة “إلا الكرسي” مصابة بحول سياسي وتكاد لا ترى الكون إلا من خلال مصلحتها الخاصة, تريد من الناس نسيان قضاياهم الآنية الملحة والسير خلفها كالخراف لجعلهم كبش فداء تلك المصلحة, ولذلك ليس غريبا على عشاق الكراسي هؤلاء الذين يجرون خلفهم تاريخا مليئا بالفضائح ألا يخجلوا مرة واحدة مما يفعلون, فمن لا يستحي يفعل ما يشاء, وهم لا يستحيون من التدليس والكذب والتزوير والابتزاز, وآخر فضائحهم كانت حين توهموا ان الشعب هو تلك القلة التي جمعتها مصالحها حولهم في ساحة الارادة, وحين اكتشفوا هزالة العدد الذي حشده خطابهم الانتهازي راحوا يخونون الناس ويثيرون النعرات بين مكونات المجتمع ويرفعون سقف الاتهامات والشتائم.
ميليشيا الابتزاز السياسي هذه تزعم حماية الدستور, وهي من تقوضه وتعمل على تعطيله. تدعي محاربة الفساد والحفاظ على المال العام وهي من تجعله مالا سياسيا, أكان بشراء الاصوات عبر الرحلات السياحية تحت ستار العلاج في الخارج” التي يحتكرها محرك قلة التخريب السياسي, او من خلال التعدي على املاك الدولة بتغطية المخالفين او المستحوذين عليها, او في تعطيل المشاريع الانمائية لان مناقصاتها لم ترس على شركات كبيرهم, أو عبر توظيف المحاسيب والازلام في هذه الادارة أو تلك!
لماذا لم تخرج هذه الغالبية المزعومة طلبا لإصلاح التعليم او تحسين الخدمات الصحية, او لإعادة تنظيم البورصة التي يستفيد منها 120 الفا? أليس نوابها هم اكثر من يكوي الاسر التي تعتاش من سوق الاوراق المالية بنار الخسارة والافقار في تصريحاتهم الاستفزازية وافتعال الازمات التي لا تنتهي? أليس تاريخ كبيرهم يفضحه فهو من قاتل بشراسة ضد حل ازمة سوق المناخ, وعمل من لف لفه على نحر كل الاتفاقات التي كان يمكن ان تدر على الكويت فوائد جمة, ووظائف بمرتبات عالية, كمشاريع حقول الشمال, وتطوير “الكويتية”, ومحطة كهرباء الزور, ففضيحة “داو كيميكال” التي تكبدت فيها الكويت خسارة بلغت 2.16 مليار دولار ليست إلا رأس جبل الجليد الذي يريدون لسفينة الوطن ان تصطدم به وتغرق بمن فيها.
جماعة المخلوعين هذه خرجت الى ساحة الارادة مطالبة بعدم تعديل قانون الانتخابات, وهو معروض امام المحكمة الدستورية التي لها الكلمة الاخيرة فيه, فلماذا لم تنتظر قرار المحكمة? هل لخوفها من خسارة حصانة نيابية تلطت خلفها حين دقت ساعة الحقيقة امام المحكمة في قضية اقتحام مجلس الامة?
نقول خيراً فعلوا في خروجهم الى الشارع الذي هددوا به كثيرا, فها هو قد لفظهم وأظهرهم على حقيقتهم, أولاء الذين ادعوا عرضاً وطولاً العمل من اجل الكويت وشعبها, تركوا مصالح الناس وسعوا الى تحويل قضية خاصة مسألة وطنية, فشوهو القبلية بما تمثله من تقاليد واعراف وشهامة والتفاف وطني حين وظفوها وقودا لاثارة العصبيات وتجميع العزوات حول نواب كل همهم الغرف من المال, وسعروا نار الطائفية بدلا من توظيف التنوع لمزيد من التماسك الوطني في مواجهة الظروف الاقليمية الحساسة.
هؤلاء الذين فضحتهم انتهازيتهم و سوء افعالهم, لم يجدوا من يناصرهم بعد أن أسقطت عنهم كل اقنعة التزييف, فحتى الذين ادعوا انهم وقّعوا ما اطلقوا عليه ” وثيقة رمضان” وانهم يمثلون 70 في المئة من الشعب كشفوا كذبهم وتدليسهم حين لم يذهبوا معهم الى تجمعهم الهزيل, ومع كل يوم جديد ستظهر جماعة “الا الكرسي” على حقيقتها, لان ال¯”كونا كاربس” لا ينبت نخلا او يثمر رطبا.
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق