خالد الجنفاوي: ملتقى النهضة وتباين القناعات الفكرية

حوارات
يشير الجدل الدائرة هذه الأيام حول “ملتقى النهضة الشبابية: المجتمع المدني” إلى أزمة فكرية متكررة تحدث بين الحين والآخر في بيئتنا المحلية حول تعريف وتحديد, بل وممارسة “حرية الرأي والتعبير” في بيئة ديمقراطية ومدنية وحول قبول ثقافة الخلاف. في بعض المجتمعات الغربية الديمقراطية أصبحت حرية الرأي والتعبير تحصيل حاصل لممارسات ديمقراطية تاريخية. فعلى سبيل المثال, لا يوجد في الغرب عموماً نزاع مبالغ فيه حول ماهية حرية الآراء الشخصية ما لم تهدد حريات الناس الآخرين. ولكن في مجتمعاتنا الشرق أوسطية يبدو تلازم إستيعاب حرية الرأي وعلاقتها بالممارسات الديمقراطية مع صراع فكري تاريخي لا يزال مشتعلاً بين طرق تفكير محافظة واخرى ترغب في تكريس مزيد من الحرية في مجتمعاتها, وبخاصة في ما يتعلق بممارسة الفرد لحياة إنسانية حرة ومعاصرة وتقدمية.
وفق رأينا, إذا كان ثمة إشكالية حول “ملتقى النهضة الشبابية: المجتمع المدني” فهي تكمن في تصادم طرق تفكير تبدو متناقضة في حيثياتها الثقافية وفي فرضياتها الفكرية بل ويتجلى هذا التصادم الفكري في طريقة التعامل مع الحرية في سياق ديمقراطي صحي وبناء.
وتباين القناعات الفكرية بين من يؤيدون عقد ملتقى النهضة ومن يعارضونه يدل على عدم ترسخ ثقافة قبول الخلاف وحتمية تباين الآراء الشخصية في مجتمعنا: وبخاصة في ما يتعلق بتداول القضايا المحلية المختلفة. فمن عارضوا بشدة عقد الملتقى يجادلون حول ما يزعمه بعضهم حول تناقض فرضياته الفكرية وإطروحاته الثقافية مع ما يصوره بعض هؤلاء المعارضين بالأفكار المشككة والطاعنة في الشريعة ! ومن جهة أخرى, يجادل من يؤيدون عقد الملتقى بأنهم يدافعون عن حرية الرأي والتعبير في مجتمع كويتي مدني وديمقراطي.
في المحصلة الأخيرة: تباين القناعات الفكرية للمؤيديين وللمعارضين لملتقى النهضة ليس بالضرورة أن يفسد للود قضية. أي ليس من المفروض أن يصل الصراع والتنازع الفكري المحلي حول مشروعية أي من القناعات الفكرية للأطراف المتعارضة إلى تأزيم الجو الديمقراطي العام. ففي المجتمع الديمقراطي المدني في عالم اليوم يمتلك كل أعضاء المجتمع الحق في التعبير عن آرائهم الشخصية وفق القانون ووفق حدود أخلاقية نسبية ومتعارف عليها تتمثل في عدم التعدي على حريات وكرامات الناس الآخرين. فلعل وعسى.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.